للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أدخل البهيمة التي لا يؤمن من تلويثها المسجد بشيء، فإن أمكن الاستيثاق فذاك، وإلا فإدخالها المسجد مكروه. وجزم جماعة من أصحابنا بكراهة الطواف راكبًا من غير عذر، منهم الماورديّ، والبندنيجيّ، وأبو الطيّب، والعبدريّ، والمشهور الأول، والمرأة والرجل في ذلك سواء. والمحمول على الأكتاف كالراكب. وبه قال أحمد، وداود، وابن المنذر. وقال مالك، وأبو حنيفة: إن طاف راكبًا لعذر أجزأه، ولا شيء عليه، وإن كان لغير عذر، فعليه دم. قال أبو حنيفة: وإن كان بمكة أعاد الطواف.

فلو طاف زحفًا مع القدرة على القيام فهو صحيح، لكنه يكره. وقال أبو الطيب في "التعليقة": طوافه زحفًا كطوافه ماشيًا منتصبًا، لا فرق بينهما.

واعتذروا عن ركوب النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - بأن الناس كثُرُوا عليه، وغَشُوه بحيث إن العواتق خرجن من البيوت لينظرن إليه - صلى اللَّه عليه وسلم -، أو لأنه يُستفتَى، أو لأنه كان يشكو، لما روى أبو داود في "سننه": "قدم النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - مكة، وهو يشتكي، فطاف على راحلته، فلما أتى على الركن استلم بمحجن، فلما فرغ من طوافه أناخ، فصلى ركعتين".

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: حديث أبي داود المذكور ضعيف؛ لأن في إسناده يزيد ابن أبي زياد، وهو ضعيف. ثم إن القول بكراهة الطواف راكبًا ليس عليه دليل صريح، وما اعتذروا به عن طواف - صلى اللَّه عليه وسلم - راكبًا لا يكون دليلاً على المنع؛ لأنه - صلى اللَّه عليه وسلم - ما جاء عنه النهي عن الطواف راكبًا، حتى يُحتاج للاعتذار عن فعله، والآية ليس فيها النهي عنه، بل فعله - صلى اللَّه عليه وسلم - بيان لمعناها، وهو أنها لإيجاب الطواف مطلقًا.

فالحقّ أن الطواف راكبًا جائز، ما لم يؤذ أحدًا، وإن كان الأولى عدم الركوب. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

"إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا باللَّه، عليه توكلت، وإليه أنيب".

١٤١ - (طَوَافُ مَنْ أَفْرَدَ الْحَجَّ)

٢٩٣٠ - (أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ, قَالَ: حَدَّثَنَا سُوَيْدٌ -وَهُوَ ابْنُ عَمْرٍو الْكَلْبِيُّ- عَنْ زُهَيْرٍ, قَالَ: حَدَّثَنَا بَيَانٌ, أَنَّ وَبَرَةَ حَدَّثَهُ, قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ, وَسَأَلَهُ رَجُلٌ,