أخرجه هنا-١٤٠/ ٢٩٢٩ - وفي "الكبرى" ١٤٤/ ٣٩٢٣. وأخرجه (م) في "الحج" ١٢٧٤. واللَّه تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): في فوائده:
(منها): ما ترجم له المصنف -رحمه اللَّه تعالى-، وهو جواز الطواف بالبيت على الراحلة. (ومنها): استحباب استلام الحجر الأسود بيده، أو بعصاه، إذا عجز عن تقبيله، ثم يقبّل ما استلم به، لما في "صحيح مسلم" من حديث أبي الطُّفيل - رضي اللَّه عنه -، قال:"رأيت رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - يطوف بالبيت، ويستلم الركن بمحجن معه، ويقبّل المحجن". وبهذا يقول الجمهور، وخالف مالك -كما قال القاضي عياض-، فقال: لا يقبل يده. وإذا عجز عن الاستلام أشار بيده، أوبما في يده، لما تقدم في حديث ابن عباس - رضي اللَّه تعالى عنهما -. ولا يشير إلى القبلة بالفم؛ لأنه لم ينقل.
(ومنها): أن في قوله: "حجة الوداع" ردًّا على من كره تسمية حجة رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - بذلك، وهو غلط، والصواب جوازه.
(ومنها): أنه استدلّ به أصحاب مالك، وأحمد على طهارة بول ما يؤكل لحمه، وروثه؛ لأنه لا يؤمن ذلك من البعير، فلو كان نجسًا لما عرض المسجد له، وخالفهم الشافعيّة، والحنفية، والأول هو الحقّ، كما سبق قريبًا. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة الرابعة): في اختلاف أهل العلم في حكم الطواف راكبًا على الراحلة، أو نحوها:
قال العلامة القرطبيّ -رحمه اللَّه تعالى-: لا خلاف في جواز طواف المريض راكبًا للعذر، واختُلف في طواف من لا عذر له راكبا، فأجازه قوم، منهم: ابن المنذر؛ أخذًا بطوافه - صلى اللَّه عليه وسلم - راكبا، والجمهور على كراهة ذلك، ومنعه، متمسكين بظاهر قوله تعالى:{وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ}[الحجّ: ٢٩]، وظاهره أن يطوف الطائف بنفسه، ومن طاف راكبًا إنما طيف به، ولم يَطُف هو بنفسه، وبأن الصحابة - رضي اللَّه عنهم - اعتذروا عن طوافه - صلى اللَّه عليه وسلم - راكبًا، وبيّنوا عذره في ذلك، فكان دليلاً على أن أصل مشروعية الطواف عندهم ألا يكون راكبًا. انتهى كلام القرطبيّ (١).
وقال النوويّ -رحمه اللَّه تعالى-: قال أصحابنا: الأفضل أن يطوف ماشيًا، ولا يركب، إلا لعذر مرض، أو نحوه، أو كان ممن يحتاج إلى ظهوره ليُستفتَى، ويُقتدى به، فإن كان لغير عذر جاز بلا كراهة، لكنه خلاف الأولى. وقال إمام الحرمين: من