رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فأمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يأخذوا مائة شمراخ، فيضربوه ضربة واحدة"، رواه أبو داود، والنسائي، وَقَالَ ابن المنذر: فِي إسناده مقال -أي لأن الأرجح إرساله- ولأنه لا يخلو منْ أن يُقام الحد عَلَى ما ذكرنا، أو لا يقام أصلا، أو يضرب ضربا كاملا، لا يجوز تركه بالكلية؛ لأنه يخالف الكتاب والسنة، ولا يجوز جلده جلدا تاما؛ لأنه يفضي إلى إتلافه، فتعين ما ذكرناه، وقولهم: هَذَا جلدة واحدة، يجوز أن يقام ذلك فِي حال العذر مقام مائة، كما قَالَ الله تعالى، فِي حق أيوب -عليه السلام-: {وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلَا تَحْنَثْ إِنَّا وَجَدْنَاهُ} الآية [ص: ٤٤]، وهذا أولى منْ ترك حده بالكلية، أو قتله مما لا يوجب القتل. انتهى "المغني" ١٢/ ٣٢٩ - ٣٣١.
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: ما ذهب إليه الأولون منْ وجوب حدّه حالاً بضربة واحدة؛ حفظًا عَلَى حياته هو الأرجح عندي؛ لحديث الباب، وحديث الباب، وإن كَانَ الأصح إرساله، لكنه اعتضد بما رواه مسلم فِي "صحيحه" منْ حديث عليّ -رضي الله عنه-، كما أسلفناه آنفًا. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
"إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا بالله، عليه توكّلت، وإليه أنيب".
أي هَذَا باب ذكر الْحَدِيث الدالّ عَلَى استحباب ذهاب الإِمام إلى رعيته إذ وقع بينهم اختلاف للإصلاح بينهم، فالمسير بالسين المهملة: بمعنى السير، وفي نسخة: "مصير" بالصاد المهملة، منْ الصيرورة.
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: محلّ الشاهد منْ الْحَدِيث قوله: "فَذَهَبَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-؛ لِيُصْلِحَ بَيْنَهُمْ"، وَقَدْ ترجم الإِمام البخاريّ رحمه الله تعالى فِي "صحيحه" بنحو منْ ذلك، حيث قَالَ: باب الإِمام يأتي قومًا، فيُصلح بينهم"، ثم أرد نفس حديث الباب. قَالَ ابن المنيّر رحمه الله تعالى: فقه الترجمة التنبيه عَلَى جواز مباشرة الحاكم الصلح بين الخصوم، ولا يُعدّ ذلك تصحيفًا فِي الحكم، وعلى جواز ذهاب الحاكم إلى موضع الخُصُوم للفصل بينهم، إما عند عِظم الخطب، وإما ليكشف ما لا يُحاط بعلمه إلا بالمعاينة، ولا يُعدّ ذلك