للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الرجل وحده لزم منه أنه لو تزوّج امرأتين: إحداهما شريفة، والأخرى دنيئة، ثم طلّقهما قبل المسيس، ولم يُسمّ لهما أن تكونا متساويتين في المتعة، فيجب للدنيّة ما يجب للشريفة، وهذا خلاف ما قال اللَّه تعالى: {مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ}. ويلزم منه أن الموسر العظيم اليسار إذا تزوّج امرأة دنية أن يكون مثلها؛ لأنه إذا طلّقها قبل الدخول والفرض لزمته المتعة على قد حاله ومهرُ مثلها، فتكون المتعة على هذا أضعاف مهر مثلها، فتكون قد استحقّت قبل الدخول أضعاف ما تستحقّه بعد الدخول من مهر المثل الذي فيه غاية الابتذال، وهو الوطء.

وقال أصحاب الرأي وغيرهم: متعة التي تطلّق قبل الدخول والفرض نصف مهر مثلها، لا غير؛ لأن مهر المثل مستَحَقٌّ بالعقد، والمتعة هي بعض مهر المثل، فيجب لها كما يجب نصف المسمّى إذا طلّقت قبل الدخول. وهذا يردّه قوله تعالى: {وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ}، وهذا دليلٌ على رفض التحديد، واللَّه تعالى بحقائق الأمور عليم انتهى كلام القرطبيّ -رحمه اللَّه تعالى- (١).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: الذي يترجّح عندي أن المتعة تعتبر بحال الزوج، كما هو نصّ القرآن الكريم، وأنها لا تُحدّد بشيء معين، لا قدرًا، ولا جنسًا، ولا نوعًا، بل يترك ذلك لاستطاعة الزوج، ومقدرته، كما هو مقتضى نصّ الآية أيضًا. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

"إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا باللَّه، عليه توكلت، وإليه أنيب".

٧٠ - (الرُّخْصَةُ فِي خُرُوجِ الْمَبْتُوتَةِ مِنْ بَيْتِهَا فِي عِدّتِهَا لِسُكْنَاهَا)

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: استدلال المصنّف -رحمه اللَّه تعالى- بالحديث على الترجمة واضحٌ، فإنه يدلّ على جواز خروج المطلّقة طلاقًا بائنًا من بيتها، وسيأتي تمام البحث في هذه المسألة بعد بابين، إن شاء اللَّه تعالى. واللَّه تعالى أعلم بالصواب.

٣٥٧٢ - (أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ مُحَمَّدٍ, قَالَ: حَدَّثَنَا مَخْلَدٌ, قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ,


(١) "الجامع لأحكام القرآن" ٣/ ٢٠١ - ٢٠٢.