للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

من شهور السنة تطوّعًا مثل صومه في شعبان، فلذلك كنّ أزواجه - رضي اللَّه عنهنّ - يستطعن قضاء ما فاتهنّ في رمضان فيه (كَانَ يَصُومُهُ كُلَّهُ إِلاَّ قَلِيلاً، بَلْ كَانَ يَصُومُهُ كُلَّهُ) قال السنديّ -رحمه اللَّه تعالى- في "شرحه": أي يصومه بحيث يصحّ أن يقال فيه أنه يصومه كله لغاية قلّة المتروك، بحيث يمكن أن لا يُعتدّ به من غاية قلّته انتهى.

ولفظ مسلم: "كان يصوم شعبان كله، كان يصوم شعبان إلا قليلاً". قال النووي في "شرحه": وقولها: "كان يصوم شعبان كله، كان يصومه إلا قليلاً"، الثاني تفسير للأول، وبيان أن قولها: "كله" أي غالبه. وقيل: كان يصوم كله في وقت، ويصوم بعضه في سنة أخرى. وقيل: كان يصوم تارة من أوله، وتارة من آخره، وتارة بينهما، وما يُخْلِي منه شيئًا بلا صيام، لكن في سنين. انتهى كلام النوويّ (١) ..

والحديث متفق عليه، وتقدم تخريجه في الذي قبله. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

"إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا باللَّه، عليه توكلت، وإليه أنيب".

٣٥ - (ذِكْرُ اخْتِلَافِ أَلْفَاظِ النَّاقِلِينَ لِخَبَرِ عَائِشَةَ فِيهِ)

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: الضمير في "فيه" عائد على حديث الصوم المرويّ عنها المتقدّم في الباب الماضي.

ووجه الاختلاف المذكور أن أبا سلمة رواه عن عائشة - رضي اللَّه عنها - بذكر صومه - صلى اللَّه عليه وسلم - لشعبان كله، ووافقه على ذلك خالد بن سعد، وخالفه هشام بن سعد، فرواه عنها بأنه - صلى اللَّه عليه وسلم - ما صام شهرًا كاملاً قط غير رمضان، ووافقه عليه عبد اللَّه بن شقيق، كما يأتي تفصيل ذلك في أحاديث الباب.

قلت: لكن مثل هذا الاختلاف لا يضرّ بصّحة الحديث، لإمكان الجمع؛ يحمل قولها: "كان يصوم شعبان كله" على معظمه، كما تقدّم بيان ذلك في حديثها المذكور في الباب، وفي الباب الماضي، وقد تقدّم في كلام الترمذيّ أن ابن المبارك رحمهما اللَّه تعالى فسره بذلك، فلا ينافي قولها: "ما صام شهرًا كاملا غير رمضان".


(١) - "شرح صحيح مسلم" ج ٨ ص ٢٧٨ - ٢٧٩.