وتمام شرح الحديث قد تقدم في حديث أنس المذكور. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسألتان تتعلقان بهذا الحديث:
المسألة الأولى: في درجته:
حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه هذا أخرجه مسلم.
المسألة الثانية: في بيان مواضع ذكر المصنف له, وفيمن أخرجه معه:
أخرجه هنا -٤٠/ ١٢٧٦ - وفي "الكبرى" -٧٥/ ١١٩٩ - بالسند المذكور.
وأخرجه (م) -٢/ ٣٩ - عن أحمد بن عمرو بن السرح، وعمرو بن سَوّاد، كلاهما عن ابن وهب به. (وأحمد) ٢/ ٣٣٣، و٣٦٧. من رواية الحسن، عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، وهي منقطعة عند الجمهور. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
"إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا بالله، عليه توكلت، وإليه أنيب".
…
٤١ - (باب إِيجَابِ التَّشَهُّدِ)
أي هذا باب ذكر الحديث الدّالّ على إيجاب التشهّد على المصلي.
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: يحتمل أن يكون المراد التشهد الأخير بدليل أنه ترجم للتشهّد الأول فيما سبق -١٠٦/ ١١٧٧ - بقوله: "باب ترك التشهد الأوّل".
فيكون المصنف رحمه الله تعالى ممن يرى التفرقة بين التشهدين، فيرى وجوب التشهد الثاني، دون الأوّل، وهو الذي ذهب إليه البخاري رحمه الله تعالى في "صحيحه"، واستدلّ على عدم وجوب التشهد الأول بكون النبي -صلى الله عليه وسلم- قام من الركعتين، ولم يرجع، كما في حديث ابن بُحينة -رضي الله عنه- المتقدّم.
ويحتمل أن يكون المراد جنسَ التشهد، فيشمل الأول والثاني، فيكون الباب معقوداً لبيان حكم التشهدين، ولكون ما تقدّم لبيان أن من ترك التشهد سهواً يسجد سجدتي السهو، وإنما قيّده بالأول لكونه مورد النصّ، وهذا هو المذهب الراجح، كما يأتي تحقيقه آخر الباب، إن شاء الله تعالى. والله تعالى أعلم بالصواب.