للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

"إن أريد إلا الإصلاح ما استطعتُ، وما توفيقي إلا باللَّه، عليه توكّلتُ، وإليه أنيب".

٣٣ - (كِتَابُ الْعُمْرَى)

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: "الْعُمْرَى":-بضمّ العين المهملة، وسكون الميم، مع القصر، وحكي ضمّ الميم مع ضمّ أوله، وحُكي فتح أوله، مع السكون- مأخوذ من العمر، سمّيت بذلك لأنهم كانوا يفعلون ذلك في الجاهليّة، فيُعطي الرجل الدارَ، ويقول له: أعمرتك إياها، أي أبحتها لك مدّة عمرك، فقيل لها عمرى لذلك. قاله في "الفتح" (١). واللَّه تعالى أعلم.

وقال أيضًا عند قوله: "قضى النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - بالعمرى أنها لمن وُهبت له": هو بفتح "أنها" أي قض بأنها. وفي رواية الزهريّ، عن أبي سلمة عند مسلم: "أيما رجل أعمر عمرى له ولعقبه، فإنها للذي أُعطيها, لا ترجع إلى الذي أعطاها؛ لأنه أعطى عطاء، وَقَعت فيه المواريث" (٢)، هذا لفظه من طريق مالك، عن الزهريّ، وله نحوه من طريق ابن جريج، عن الزهريّ، وله من طريق الليث عنه: "فقد قطع قوله حقّه فيها، وهي لمن أُعمر، ولعقبه"، ولم يذكر التعليل الذي في آخره. وله من طريق معمر، عنه: "إنما العمرى التي أجازها رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - أن يقول: هي لك ولعقبك، فأما الذي قال: هي لك ما عشت، فإنها ترجع إلى صاحبها"، قال معمر: كان الزهريّ يُفتي به، ولم يذكر التعليل أيضًا، وبين من طريق ابن أبي ذئب، عن الزهريّ أن التعليل من قول أبي سلمة. وأخرجه مسلم من طريق أبي الزبير، عن جابر، قال: "جعل الأنصار يُعمرون المهاجرين، فقال النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -: "أمسكوا عليكم أموالكم، ولا تفسدوها، فإنه من أَعمَر عمرى، فهي للذي أُعمرها حيًا وميتًا, ولعقبه".

فيجتمع من هذه الروايات ثلاثة أحوال:

[أحدها]: أن يقول: هي لك ولعقبك، فهذا صريحٌ في أنها للموهوب له ولعقبه.

[ثانيها]: أن يقول: هي لك ما عشتَ، فإذا متَّ رجعت إليّ، فهذه عاريةٌ مؤقّتة،


(١) "فتح" ٥/ ٥٦١.
(٢) سيأتي للمصنّف برقم ٣٧٧٢.