قال الجامع عفا اللَّه نعالى عنه:(اعلم): أن للبيت أربعة أركان: الركن الأسود، والركن اليماني، ويقال لهما: اليمانيان، كما سبق في الباب الماضي، وأما الركنان الآخران، فيقال لهما: الشاميّان، فالركن الأسود فيه فضيلتان: إحداهما كونه على قواعد إبراهيم - عليه السلام -، والثانية: كونه فيه الحجر الأسود.
وأما اليمانيّ: ففيه فضيلة واحدة، وهي كونه على قواعد إبراهيم - عليه السلام -، وأما الركنان الآخران فليس فيهما شيء من هاتين الفضيلتين، فلهذا خصّ الحجر الأسود بشيئين الاستلام، والتقبيل؛ للفضيلتين، وأما اليمانيّ، فيستلمه، ولا يقبّله؛ لأن فيه فضيلة واحدة.
وأما الركنان الآخران، فلا يقبلان، ولا يستلمان. واللَّه أعلم.
وقد أجمعت الأمة على استحباب استلام الركنين اليمانيين، واتفق الجماهير على أنه لا يمسح الركنين الآخرين. واستحبّه بعض السلف، وممن كان يقول باستلامهما: الحسن، والحسين ابنا عليّ، وابن الزبير، وجابر بن عبد اللَّه، وأنس بن مالك، وعروة ابن الزبير، وأبو الشعثاء جابر بن زيد - رضي اللَّه تعالى عنهم -. قال القاضي أبو الطيّب: أجمعت أئمة الأمصار، والفقهاء على أنهما لا يُستلمان. قال: وإنما كان فيه خلاف لبعض الصحابة، والتابعين، وانقرض الخلاف، وأجمعوا على أنهما لا يُستلمان. ذكره النوويّ -رحمه اللَّه تعالى- (١). واللَّه تعالى أعلم بالصواب.
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: رجال هذا الإسناد كلهم رجال الصحيح. و "محمد ابن العلاء": هو أبو كريب، أحد مشياخ الأئمة الستة، من دون واسطة. و "ابن إدريس": هو عبد اللَّه الأوديّ الكوفيّ. و"عبيد اللَّه": هو ابن عمر العمريّ المدنيّ