للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

٨٦ - (الْمُكَاتَبُ يُبَاعُ قَبْلَ أَنْ يَقْضِيَ مَنْ كِتَابَتِهِ شَيْئًا)

قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: ظاهر هذه الترجمة أن المصنّف يرى أن جواز بيع المكاتب مشروط بعدم أدائه شيئًا منْ بدل الكتابة، وإلا فلا يجوز، فكأنه يريد تقييد إطلاق الباب الماضي، لكن الظاهر أن هَذَا ليس بشرط؛ لأنه -صلى الله عليه وسلم- لما أجاز بيع بريرة لم يذكر أيَّ قيدٍ، ولا أيَّ شرط، فدلّ عَلَى جوازه مطلقًا. والله تعالى أعلم بالصواب.

٤٦٥٨ - (أَخْبَرَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى، قَالَ: أَنْبَأَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي رِجَالٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، مِنْهُمْ يُونُسُ، وَاللَّيْثُ، أَنَّ ابْنَ شِهَابٍ، أَخْبَرَهُمْ عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّهَا قَالَتْ: جَاءَتْ بَرِيرَةُ إِلَيَّ، فَقَالَتْ: يَا عَائِشَةُ، إِنِّي كَاتَبْتُ أَهْلِي عَلَى تِسْعِ أَوَاقٍ، فِي كُلِّ عَامٍ أُوقِيَّةٌ، فَأَعِينِينِي، وَلَمْ تَكُنْ قَضَتْ مِنْ كِتَابَتِهَا شَيْئًا، فَقَالَتْ لَهَا عَائِشَةُ: وَنَفِسَتْ فِيهَا: ارْجِعِي إِلَى أَهْلِكِ، فَإِنْ أَحَبُّوا أَنْ أُعْطِيَهُمْ ذَلِكَ جَمِيعًا، وَيَكُونَ وَلَاؤُكِ لِي فَعَلْتُ، فَذَهَبَتْ بَرِيرَةُ إِلَى أَهْلِهَا، فَعَرَضَتْ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ، فَأَبَوْا، وَقَالُوا: إِنْ شَاءَتْ أَنْ تَحْتَسِبَ عَلَيْكِ فَلْتَفْعَلْ، وَيَكُونَ ذَلِكَ لَنَا، فَذَكَرَتْ ذَلِكَ عَائِشَةُ لِرَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-، فَقَالَ: "لَا يَمْنَعُكِ ذَلِكَ مِنْهَا، ابْتَاعِي، وَأَعْتِقِي، فَإِنَّ الْوَلَاءَ لِمَنْ أَعْتَقَ"، فَفَعَلَتْ، وَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فِي النَّاسِ، فَحَمِدَ اللَّهَ تَعَالَى، ثُمَّ قَالَ: "أَمَّا بَعْدُ، فَمَا بَالُ النَّاسِ، يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا لَيْسَتْ فِي كِتَابِ اللَّهِ، مَنِ اشْتَرَطَ شَرْطًا لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ، فَهُوَ بَاطِلٌ، وَإِنْ كَانَ مِائَةَ شَرْطٍ، قَضَاءُ اللَّهِ أَحَقُّ، وَشَرْطُ اللَّهِ أَوْثَقُ، وَإِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ").

قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: رجال هَذَا الإسناد كلهم رجال الصحيح، وتقدّموا غير مرّة.

والسند مسلسلٌ بثقات المصريين إلى ابن شهاب، ومنه بالمدنيين.

وقوله: "ونفست" بكسر الفاء، كرغبت وزنًا ومعنى، والجملة فِي محلّ نصب عَلَى الحال، منْ فاعل "قالت".

وقوله: "أن تحتسب": أي تطلب الأجر منْ الله تعالى، يقال: احتسب الأجر عَلَى الله: ادّخره عنده، لا يرجو ثواب الدنيا. قاله الفيّوميّ.

والحديث متّفقٌ عليه، وَقَدْ سبق تمام البحث فيه فِي الباب الماضي. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

"إن أريدُ إلا الإصلاح، ما استطعتُ، وما توفيقي إلا بالله، عليه توكّلت، وإليه أنيب".