للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وعلى عيالك قال: فرجعت إلى قومي، فقلت: وجدت عندكم الضيق، وسوء الرأي، ووجدت عند رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، السعة والبركة، قد أمر لي بصدقتكم، فادفعوها لي، قال: فدفعوها إليّ (١).

وهكذا رواه أبو داود، وابن ماجه، واختصره الترمذيّ، وحسّنه، وظاهر السياق أن هذه القصّة كانت بعد قصّة أوس بن الصامت، وزوجته خويلة بنت ثعلبة، كما دلّ عليه سياق تلك وهذه بعد التأمّل. انتهى كلام ابن كثير -رحمه اللَّه تعالى- (٢). واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

"إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا باللَّه، عليه توكلت، وإليه

أنيب".

٣٤ - (بَابُ مَا جَاءَ فِي الْخُلْعِ)

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: "الخلع" -بضمّ الخاء المعجمة، وسكون اللام- قال في "المصباح": خَلَعتُ النعل وغيره خَلْعًا، أي من باب نفع: نزعتُهُ، وخالعت المرأة زوجها مُخالعةً: إذا افتدت منه، وطلّقها على الفدية، فَخَلَها هو خَلْعًا، والاسم الْخُلْعُ بالضمّ، وهو استعارة من خَلَع اللباس؛ لأن كلّ واحد منهما لباس للآخر، فإذا فعلا ذلك فكأن كلّ واحد نزع لباسه عنه. انتهى.

وقال العينيّ -رحمه اللَّه تعالى-: ما حاصله: "الخلع" -بضمّ الخاء المعجمة، وسكون اللام- مأخوذٌ من خَلَعَ الثوبَ والنعلَ، ونحوَهما، من باب نفع، وذلك لأن المرأة لباس الرجل، كما قال اللَّه تعالى: {هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ} الآية. وإنما جاء مصدره بضمّ الخاء تفرقةً بين الأجرام والمعاني، يقال: خلع ثوبه ونعله خَلْعًا -بفتح الخاء- وخلع امرأته خُلْعًا وخُلْعَة -بالضمّ-. وأما حقيقته الشرعيّة، فهو فراق الرجل امرأته على عوض يحصل له. هكذا قال الحافظ العراقيّ في "شرح الترمذيّ"، وقال: هو الصواب. وقال كثير من الفقهاء: هو مفارقة الرجل امرأته على مال. وليس بجيّد، فإنه لا يشترط كون العوض في الخلع مالاً، فإنه لو خالعها بما لها عليه من دين، أو خالعها


(١) حديث حسن، كما قال الترمذيّ -رحمه اللَّه تعالى-.
(٢) "تفسير ابن كثير" ٤/ ٣٤٢. "تفسير سورة المجادلة".