عباس - رضي اللَّه تعالى عنهما - ظاهر في الدلالة عليه. وأيضا أن اختلاف المطالع معتبر في دخول أوقات الصلاة، وخروجها بلا خلاف، فلا تجب صلاة الظهر مثلاً على جميع أهل الأرض بالزوال في بلد من البلدان، وإنما تلزم من زالت عنده، فقط، فكذلك هنا من دون فرق. واللَّه تعالى أعلم.
وقد أطال الشوكاني في "نيل الأوطار" في ردّ قول ابن عباس، وأنه اجتهاد منه، فأتى في ذلك بما يُتعجّب منه، حيث يردّ على ابن عباس - رضي اللَّه عنهما -، بدون دليل مقنع، فتأويل قوله:"هكذا أمرنا رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -" بأنه أراد قوله - صلى اللَّه عليه وسلم -: "صوموا لرؤيته … " تأويل بارد، وتَعَسُّف كاسد، فابن عباس - رضي اللَّه عنهما - من أهل اللسان، والفقه، وقد أخبر أنه - صلى اللَّه عليه وسلم - أمرهم هكذا، فالظاهر أنه أمرهم بأن لا يصوموا برؤية البلدان النائية، حتى يروا بأنفسهم. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
"إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا باللَّه، عليه توكلت، وإليه أنيب".
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: ظاهر تبويب المصنّف -رحمه اللَّه تعالى- أنه يرى صحة الاكتفاء بشاهد واحد في هلال رمضان، لحديث ابن عباس - رضي اللَّه عنهما - المذكور هنا، فهو وإن رجّح إرساله، لكن الحديث يصلح للاحتجاج به؛ لأنه يشهد له حديث ابن عمر - رضي اللَّه عنهما - الذي سأذكره، إن شاء اللَّه تعالى.
وأما وجه الاختلاف على سفيان، فإنه رواه الفضل بن موسى، عنه، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس موصولاً، وخالفه فيه أبو داود الْحَفَريّ، وابن المبارك، فروياه عنه، عن سماك، عن عكرمة، عن النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - مرسلاً.
ونقل الحافظ المزيّ عن النسائيّ أنه قال: هذا أولى بالصواب من حديث الفضل بن موسى؛ لأنّ سماك بن حرب كان ربّما لُقّن، فقيل له:"عن ابن عباس". وابنُ المبارك