"إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا باللَّه، عليه توكلت، وإليه أنيب".
…
٢١ - فَضْلُ صَلَاةِ الْقَاعِدِ عَلَى صَلَاةِ النَّائِمِ
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: اعترض ابن بطال على هذه الترجمة، وادعى أن النسائيّ صحف الحديث (١)، قال: وغلطه فيه ظاهر؛ لأنه ثبت الأمر للمصلى إذا وقع عليه النوم أن يقطع الصلاة، وعقل ذلك بأنه لعله يستغفر، فيسبّ نفسه، قال: فكيف يأمره بقطع الصلاة، ثم يُثبت أن له نصف أجر القاعد. انتهى.
ورَدّ عليه الحافظ العراقي في "شرح الترمذي" -كما نقله في "الفتح"- فقال: ما حاصله: لعله هو الذي صحّف، وإنما ألجأه إلى ذلك حَمْلُ قوله: "نائمًا" على النوم الحقيقي الذي أُمر المصلي إذا وجده بقطع الصلاة، وليس ذلك المراد هنا، إنما المراد الاضطجاع. انتهى.
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: فقد أجاد الحافظ العراقي -رحمه اللَّه تعالى- في هذا الردّ، وأفاد.
فترجمة النسائيّ -رحمه اللَّه تعالى- صحيحة موافقة للحديث الذي أورده في الباب، ومن ادعى عليه التصحيف فهو المصحّف, لأنه لم يفهم المراد، من الحديث، فلسوء فهمه حمله على أن النوم هو النوم الحقيقي الذي ورد الأمر بقطع الصلاة من أجله، وليس كذلك، وإنما المراد بالنوم هو الاضطجاع، فتبصّر بالإنصاف، ولا تَتَهَوَّرْ بتقليد ذوي الاعتساف. واللَّه تعالى أعلم بالصواب.
١٦٦٠ - أَخْبَرَنَا حُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ, عَنْ سُفْيَانَ بْنِ حَبِيبٍ, عَنْ حُسَيْنٍ الْمُعَلِّمِ, عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ, عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ, قَالَ: سَأَلْتُ النَّبِيَّ - صلى اللَّه عليه وسلم -, عَنِ الَّذِي يُصَلِّي قَاعِدًا؟ , قَالَ: «مَنْ صَلَّى قَائِمًا, فَهُوَ أَفْضَلُ, وَمَنْ صَلَّى قَاعِدًا, فَلَهُ نِصْفُ أَجْرِ الْقَائِمِ, وَمَنْ صَلَّى نَائِمًا, فَلَهُ نِصْفُ أَجْرِ الْقَاعِدِ».
(١) - أراد أنه صحّف أن لفظ الحديث "ومن صلى موميا" إلى- قوله: "نائما"، فترجم عليه "فضل صلاة القاعد على النائم". واللَّه أعلم.