للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أصحابكم أهون من أن تخُفِرُوا ذمةَ اللَّه، وذمة رسوله، وإذا حاصرت أهل حصن، فأرادوك أن تنزلهم على حكم اللَّه، فلا تنزلهم على حكم اللَّه، ولكن أنزلهم على حكمك، فإنك لا تدري أتصيب حكم اللَّه، فيهم أم لا؟ ".

فهذا الحديث صريح في كونهم لا يقاتلون إذا بذلوا الجزية، وقد اختلف أهل العلم في جواز أخذ الجزية من الكفّار: فذهب مالك، والأوزاعيّ، وموافقوهما إلى جواز أخذها من كلّ كافر، عربيًا كان، أو عجميًا، كتابياً كان، أو مجوسيًّا، أو غيرهما. وذهب أبو حنيفة إلى أنها تؤخذ من جميع الكفّار إلا مشركي العرب، ومجوسهم. وذهب الشافعيّ إلى أنها لا تقبل إلا من أهل الكتاب، والمجوس، عربًا كانوا، أو عجمًا، واحتجّ الشافعيّ بمفهوم آية الجزية، وبحديث: "سُنُّوا بهم سنة أهل الكتاب"، وتأول حديث بُريدة على أن المراد بأخذ الجزية من أهل الكتاب.

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: عندي أن ما ذهب إليه مالك، من إطلاق جواز أخذ الجزية من جميع الكفّار، هو الأرجح؛ لإطلاق حديث بريدة - رضي اللَّه تعالى عنه -، وهو منطوق، فيقدّم على مفهوم الآية. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب. "إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا باللَّه، عليه توكلت، وإليه أنيب".

٢ - (التَّشْدِيدُ فِي تَرْكِ الْجِهَادِ)

٣١١٠ - (أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ, قَالَ: حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ, قَالَ: أَنْبَأَنَا (١) ابْنُ الْمُبَارَكِ, قَالَ: أَنْبَأَنَا (٢) وُهَيْبٌ -يَعْنِي ابْنَ الْوَرْدِ- قَالَ: أَخْبَرَنِي عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ, عَنْ سُمَيٍّ, عَنْ أَبِي صَالِحٍ, عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ, عَنِ النَّبِيِّ - صلى اللَّه عليه وسلم -, قَالَ: «مَنْ مَاتَ, وَلَمْ يَغْزُ, وَلَمْ يُحَدِّثْ نَفْسَهُ بِغَزْوٍ, مَاتَ عَلَى شُعْبَةِ نِفَاقٍ»).

رجال هذا الإسناد: ثمانية:

١ - (عبدة بن عبدالرحيم) أبو سعيد المروزيّ، نزيل دمشق، صدوق، من صغار [١٠] ٤٥/ ٥٩٧ من أفراد المصنّف.


(١) - وفي نسخة: "أخبرنا".
(٢) - وفي نسخة: "ثنا".