للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

لا يريبه. وإنما أشهد عليه عمرُ - رضي اللَّه تعالى عنه -؛ لأنه أراد أن لا يَنسُبَهُ أحد لم يَعرف باطن الأمر إلى منع حكيم من حقّه. قاله في "الفتح" (١). واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

"إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا باللَّه، عليه توكلت، وإليه أُنيب".

٩٤ - (مَنْ آتَاهُ اللَّه -عَزَّ وَجَلَّ- مَالًا مِنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ)

أي هذا باب ذكر الأحاديث الدّالّة على حكم الشخص الذي آتاه اللَّه تعالى مالًا من غير أن يسأل الناس.

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: "من" يحتمل أن تكون موصولة مبتدأٌ خبرها محذوف، لدلالة الحديث عليه، أي أخذه. ويحتمل أن تكون شرطيّة، جوابها محذوف لدلالة الحديث عليه أيضًا، أي أخذه، أو فليأخذه. واللَّه تعالى أعلم بالصواب.

٢٦٠٤ - (أَخْبَرَنَا قُتَيْبَةُ, قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ, عَنْ بُكَيْرٍ, عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ, عَنِ ابْنِ السَّاعِدِيِّ الْمَالِكِيِّ, قَالَ: اسْتَعْمَلَنِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رضي اللَّه عنه -, عَلَى الصَّدَقَةِ, فَلَمَّا فَرَغْتُ مِنْهَا, فَأَدَّيْتُهَا إِلَيْهِ, أَمَرَ لِي بِعُمَالَةٍ, فَقُلْتُ لَهُ: إِنَّمَا عَمِلْتُ لِلَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ-, وَأَجْرِي عَلَى اللَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ-, فَقَالَ: خُذْ مَا أَعْطَيْتُكَ, فَإِنِّي قَدْ عَمِلْتُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -, فَقُلْتُ لَهُ: مِثْلَ قَوْلِكَ, فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم - «إِذَا أُعْطِيتَ شَيْئًا, مِنْ غَيْرِ أَنْ تَسْأَلَ, فَكُلْ وَتَصَدَّقْ»).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: رجال هذا الإسناد كلهم رجال الصحيح.

وقوله: "عن ابن الساعديّ". هكذا وقع في هذا الإسناد "عن ابن الساعديّ" عند المصنّف، وكذا هو عند مسلم من طريق الليث، عن بُكير بن الأشجّ، وخالفه عمرو بن الحارث، عن بكير، عند مسلم أيضًا، فقال: "عن ابن السعديّ"، وهو المحفوظ.

قال القاضي عياض -رحمه اللَّه تعالى-: الصواب "ابن السعديّ"، كما في الرواية الأخرى، واسمه قُدامة. وقيل: عمرو، وإنما قيل له: "السعديّ" لأنه استُرضع في بني سعد بن بكر، وأما "الساعديّ" فلا يُعرف له وجه، وابنه عبد اللَّه من الصحابة، وهو


(١) - "الفتح" ج ٤ ص ٩٨ - ٩٩.