قال الأثرم: سمعت أحمد يحسن أمره. وقال مرّة: قدّمه أبو عبد اللَّه على مَخْلَد بن يزيد، وقال: حدّث عن شعبة بأحاديث لم يروها غيره. وقال أبو داود: سمعت أحمد يقول: لا بأس به، ولكن في حديثه خطأ. وقال ابن معين: لا بأس به. وكذا قال أبو حاتم، وزاد: صالح الحديث، يحفظ الحديث. وذكره ابن حبّان في "الثقات"، وقال: مات سنة (١٩٨). وقال أبو أحمد الحاكم: كان كثير الوهم والخطإ. وقال في موضع آخر: ومن أين كان مسكين يضبط عن سعيد؟. وقال ابن شاهين في "الثقات": قال ابن عمّار: يقولون: إنه ثقة، لم أسمع منه.
روى له الجماعة، سوى الترمذيّ، وابن ماجه. وله في هذا الكتاب ثلاثة أحاديث فقط، برقم (٢٦٠٢) و (٥٠٩٧) و (٥٤٠٤). واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.
٢٦٠٣ - (أَخْبَرَنِي الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ, قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ بَكْرٍ, قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي, عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ, عَنِ ابْنِ شِهَابٍ, عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ, وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ, أَنَّ حَكِيمَ بْنَ حِزَامٍ, قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم - فَأَعْطَانِي, ثُمَّ سَأَلْتُهُ فَأَعْطَانِي, ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -: «يَا حَكِيمُ, إِنَّ هَذَا الْمَالَ حُلْوَةٌ, فَمَنْ أَخَذَهُ بِسَخَاوَةِ نَفْسٍ, بُورِكَ لَهُ فِيهِ, وَمَنْ أَخَذَهُ بِإِشْرَافِ نَفْسٍ, لَمْ يُبَارَكْ لَهُ فِيهِ, وَكَانَ كَالَّذِي يَأْكُلُ وَلَا يَشْبَعُ, وَالْيَدُ الْعُلْيَا, خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى» , قَالَ حَكِيمٌ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ, وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ, لَا أَرْزَأُ أَحَدًا بَعْدَكَ, حَتَّى أُفَارِقَ الدُّنْيَا بِشَيْءٍ).
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: الَكلام على هذا الحديث كالكلام فيما قبله.
والإسناد أوله مصريّون، إلى عمرو بن الحارث، وآخره مدنيّون، و"الربيع بن سليمان": هو المصريّ الجيزيّ الأعرج الثقة. و"والد إسحاق": هو بكر بن مضر المصريّ الثقة الثبت. وكلهم رجال الصحيح، غير شيخه، فمن أفراده هو، وأبي داود.
وقوله: "لا أرزأ أحدًا بعد الخ" -بفتح الهمزة، وإسكان الراء، وفتح الزاي، بعدها همزة-: أي لا أنقص ماله بسؤاله. وفي رواية: "قلت: فواللَّه لا تكون يدي بعدك تحت يد من أيدي العرب".
زاد في رواية البخاريّ: "فكان أبو بكر - رضي اللَّه تعالى عنه - يدعو حكيمًا إلى العطاء، فيأبى أن يقبله منه، ثم إن عمر - رضي اللَّه تعالى عنه - دعاه ليعطيه، فأبى أن يقبل منه شيئًا، فقال: إني أشهدكم معشر المسلمين على حكيم أَنِّي أَعْرِض عليه حقّه من هذا الفيء، فيأبى أن يأخذه، فلم يرزأ حكيمٌ أحدًا من الناس بعد رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - حتى توفّي".
وإنما امتنع حكيم من أخذ العطاء مع أنه حقّه لأنه خشي أن يقبل من أحد شيئًا، فيعتاد الأخذ، فتتجاوز به نفسه إلى ما لا يريده، ففطمها عن ذلك، وترك ما يريبه إلى ما