قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: قد تبيّن مما سبق أن الأرجح جواز النّشرة بالأشياء المباحات، التي لا توْدّي إلى الشرك؛ ومن أقوى أدلّته ما أخرجه مسلم -رحمه اللَّه تعالى- في "صحيحه" من حديث جابر - رضي اللَّه تعالى عنه -، مرفوعًا:"من استطاع أن ينفع أخاه فليفعل". واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
"إن أريد إلا الإصلاح ما استطعتُ، وما توفيقي إلا باللَّه، عليه توكّلتُ، وإليه أنيب".
١٩ - (الْحُكْمُ فِي السَّحَرَةِ)
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: الحكم الذي دلّ عليه حديث الباب، وإن كان في صحته مقال، هو الشرك، وظاهره أن المصنّف -رحمه اللَّه تعالى- يرى كفر الساحر، وهو ظاهر اختيار البخاريّ -رحمه اللَّه تعالى-، حيث استدلّ على الترجمة بقوله تعالى:{وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ} الآية [البقرة: ١٠٢]، فإن ظاهره أنهم كفروا بذلك، ولا يكفر بتعليم الشيء، إلا وذلك الشيء كفر، وكذا قوله على لسان الملكين:{إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ} فإن فيه إشارة إلى أن تعلّم السحر كفرٌ، فيكون العمل به كفرّا، وقد تقدّم في المسائل المذكورة في الباب الماضي أن السحر أنواع، فمنه ما يكون كفرًا، ومنه ما لا يكون كفرًا، فالأولى تنزيل رأي البخاريّ، والمصنّف -رحمهما اللَّه تعالى- على ذلك التفصيل. واللَّه تعالى أعلم بالصواب.