ثُمّ الحصر المنقول عن الحسنُ، ليس على ظاهِره؛ لأنةُ قدْ ينحل بِالرُّقى، والأدْعِية، والتَّعْوِيذ، ولكِن يحتمِل أنْ تكُون النشرة نوْعينِ. انتهى.
وُيوْيِّد مشرُوعِيَّة النشرة ما ثبت في "الصحيح" في حدِيث: "العينُ حقّ" من الأمر باغتِسال العائن لمن أصابه بعينه.
وقد أخرج عند الرَّزاق من طرِيق الشعبِي قال: لا بأس بالنُّشرةِ العربيَّة، التِي إِذا وُطِئت لا تضرهُ، وهِي أن يخرُج الإنسان في موْضِع عِضاهٍ، فيأخُذ عن يمِينه، وعن شِماله، من كُل، ثُمَّ يدُقهُ، ويقرأ فِيهِ، ثُمَّ يغتسِل بِهِ.
وذكر ابن بطال: أنَّ في كُتُب وهب بن مُنبه، أن يأخُذ سبع ورقات، من سِدْر أخضر، فيدُقهُ بين حجرينِ، ثُمَّ يضرِبهُ بِالماءِ، ويقرأ فِيهِ آية الكُرْسِي، والقواقِل، ثُمَّ يحسُو مِنهُ، ثلاث حسوات، ثُمَّ يغتسِل بِهِ، فإِنةُ يذهِب عنهُ كُلُّ ما بِهِ، وهُو جيد لِلرّجُلِ، إِذا حُبس عن أهله.
قال الحافظ -رحمه اللَّه تعالى-: ثُمَّ وقفت على صِفة النشرة، في "كِتاب الطبّ التبوِي"، لِجعفر المستغفِرِي، قال: وجدت في خط نصُوح بن واصِل، على ظهر جُزء مِن "تفسِير قُتيبة بنِ أخمد البخاريّ"، قال: قال قتادة لِسعِيدِ بن المُسيَّب: رجُل بِهِ طِبّ، أخِذ عن امرأته، أيحِل لهُ أن يُنشر؟ قال: لا بأس، وانما يُريد بِهِ الإصلاح، فأمَّا ما يتفع، فلم ينه عنهُ. قال نصُوح: فسألنِي حماد بن شاكِر: مأ الحل؟ وما النُّشرة؟ فلم أعرِفهُما، فقال: هُو الرجُل، إِذا لم يقدِر على مُجامعة أهله، وأطاق ما سِواها، فإِن المُنتلى بِذلِك، يأخذ خزمة قُضبان، وفأسًا ذا قِطارينِ، ويضعهُ في وسط تِلك الحزمة، ثُمِ يُؤجَّج نارًا، في تِلك الحزمة، حتى إِذا ما حمِي الفأس، استخرجهُ مِن النار، وبال على حرّه، فإِنَّه يبرأ بِإذنِ اللَّه تعالى.
وأمَّا النُّشرة، فإِنَّه يجمع أيام الرَّبِيع، ما قدر عليهِ من وزد المُفارة، وورد البساتِين، ثُمَّ يُلقِيها في إِناء نظِيف، ويجعل فِيهِما ماء عذبًا، ثُمَّ يُغلي ذلِك الورْد، في الماء غليًا يسِيرّا، ثُمَّ يُمهِل، حتى إِذا فتر الماء، أفاضهُ عليهِ، فإِنة يبرأ بإِذنِ اللَّه تعالى.
قال حاشِد: تعلَّمت هاتينِ الفائدتينِ بِالشام.
قال الحافظ: وحاشِد هذا من رُواة "الصحيح" عن البخاريّ. انتهى المقصود من عبارة "الفتح"(١).