للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

السَّحر عن المْسحُور. وقيل: هي ضرب من العلاج، يُعالج به من يُظن أن به سحرًا، أو مسَّا من الجن، سميت بذلك لأنةُ يُكشف بها عنهُ ما خالطهُ من الدَّاء.

قال الإمام البخاريّ -رحمه اللَّه تعالى- في "صحيحه": "باب هل يُستخرج السحر". وقال قتادة: قلت لسعيد بن المسيّب: رجلٌ به طبٌّ، أو يؤخذ عن امرأته (١)، أيُحلّ عنه، أو يُنشر؟ قال: لا بأس به، إنما يريدون به الإصلاح، فأما ما ينفع، فلم يُنه عنه. انتهى.

فقال في "الفتح": قوْله: "باب هل يُستخرج السحر؟ " كذا أوْرد الترجمة بِالاستِفهام، إِشارة إِلى الاختِلاف، وصدَّر بِما نقلهُ عن سعِيد بن المُسيب من الجواز، إِشارة إِلى ترْجِيحه.

قوْله: "وقال قتادة: قُلت لِسعِيدِ بن المُسيَّب إِلخ" وصلهُ أبُو بكر الأثرم في "كِتاب السُّنن" من طرِيق أبان العطار، عن قتادة، ومِثله من طرِيق هِشام الدَّستُوائِي، عن قتادة، بِلقظِ: "يلتمِس من يُداوِيه، فقال: إِنما نهى اللَّه عمَّا يضر، ولم ينه عمَّا ينفع". وأخرجهُ الطبرِي في "التهذِيب" من طرِيق يزِيد بن زُريع، عن قتادة، عن سعِيد بن المُسيَّب، أنهُ كان لا يرى بأسّا، إِذا كان بِالرجُلِ سِحْر، أن يمْشِي إِلى من يُطلِق عنهُ، فقال: هُو صلاح.

وُيوافِق قوْل سعِيد بن المُسيَّب هذا، ما في حدِيث جابِر - رضي اللَّه تعالى عنه -، عِند مسْلِم، مرفُوعّا: "من استطاع أن يتفع أخاهُ فليفعل".

قال قتادة: وكان الحسنُ يكره ذلِك، يقُول: لا يعلم ذلِك إِلا ساحِر، قال: فقال سعِيد بن المُسيَّب: إِنما نهى اللَّه عمَّا يضر، ولم ينه عمَّا يتفع.

وقد أخرج أبُو داوُد في "المراسِيل" عن الحسن، رفعهُ "النُّشرة من عمل الشيطان"، ووصلهُ أحمد، وأبُو داوُد بسند حسن، عن جابِر.

قال ابن الجوزي: النُّشْرَة حل السحر عن المسْحُور، ولا يكاد يقدِر عليهِ إِلا من يعرِف السَّحر.

وقد سُئل أحمد عمَّن يُطلِق السحر عن المسْحُور؟ فقال: لا بأس بِهِ. وهذا هُو المُعتمد. ويُجاب عن الحديث، والأثر بِأنَّ قوْله: "النُّشرة من عمل الشيطان" إِشارة إِلى أصلها، ويختلِف الحُكم بِالقصدِ، فمن قصد بها خيرًا، كان خيرًا، وإلا فهُو شرّ.


(١) قوله: "به طب" بكسر الطاء: أي سحر. وقوله: "أو يؤخذ" أي يُحبس عن امرأته، ولا يصل إلى جماعها، والأُخذة بالضمّ هي الكلام الذي يقوله الساحر. وقيل: حرزة يُرقى عليها، أو هي الرُّقية نفسها.