الصوم. فقد أخرجه البخاريّ، وأبو داود، والمصنّف، وغيرهم، من طريق يزيد بن أبي حبيب، عن أبي الخير، عنه بلفظ:"لتمش، ولتركب". وله شاهد من حديث ابن عبّاس:"أن النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - لما بلغه أن أخت عقبة بن عامر نذرت أن تحُجّ ماشية، قال: "إن اللَّه لغنيّ عن نذرها، مُرها، فلتركب". أخرجه أبو داود من طريق هشام، وسعيد، كلاهما عن قتادة، عن عكرمة، عن ابن عبّاس. وتابعهما همّام، عن قتادة به إلا أنه زاد: "وتهُدي هديًا". أخرجه أبو داود، والدارميّ، وابن الجارود، والبيهقيّ من طريق أبي الوليد الطيالسيّ، ثنا همام به. قال الحافظ في "التلخيص": ٤/ ١٨٧: وإسناده صحيح. وأخرجه أحمد من طرق أخرى عن همّام به، إلا أنه قال: "ولتهد بدنة". وتابعه مطر الوراق، عن عكرمة به. أخرجه أبو داود، والبيهقيّ، ومطر كثير الخطأ. وتابعه مطرّف ابن طَريف، إلا أنه قال: عن عكرمة، عن عقبة بن عامر الجهني، قال: نذرت أختي أن تمشي إلى الكعبة، فقال رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -: "إن اللَّه لغنيّ عن مشيها، لتركب، ولتُهد بدنة". أخرجه أحمد ٤/ ٢٠١ - : ثنا عفان، قال: ثنا عبد العزيز بن مسلم، قال: ثنا مطرف. وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين، ومطرف بن طريف ثقة فاضل، فلا تضرّه مخالفته لغيره، ويحتمل أن يكون عكرمة حدّث به على الوجهين، مرّةً عن ابن عبّاس، وأخرى عن عقبة، وقد أجاد الشيخ الألباني في البحث في هذه الطرق في كتابه "إرواء الغليل" ٨/ ٢١٨ - ٢٢١، فراجعه تستفد.
والحاصل أن الصحيح رواية "ولتهد بدنة"، وأما الصوم فلم يأت من طريق تقوم به الحجة، فلا يعارض رواية الهدي. فتنبّه. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع، والمآب.
"إن أريد إلا الإصلاح ما استطعتُ، وما توفيقي إلا باللَّه، عليه توكّلتُ، وإليه أنيب".