للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الفصيح أن يتعدى بالباء، قال الفيّوميّ: يقال: أبصرته برؤية العين إبصارًا، وبَصُرتُ بالشيء -بالضمّ، والكسرُ لغة، بَصَرًا -بفتحتين-: علمت به، فأنا بصير به، يتعدّى بالباء في اللغة الفصحى، وقد يتعدّى بنفسه انتهى (١).

وقال السمين الحلبيّ في قوله تعالى: {فَبَصُرَتْ بِهِ}: يقال: بصر بالشيء: أي علمه، وأبصره: أي نظر إليه. كذا قال الزجّاج، وقال غيره: بصر بالشيء، وأبصره: بمعنى علمه، والعامّة بضمّ الصاد في الماضي، ومضارعه، وقرأ الأعمش، وأبو السمّال "بصِرت" بالكسر، يبصَروا بالفتح، وهي لغة. انتهى (٢).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: الحاصل أن الفصيح في قوله: "أبصروا" قطع الهمزة، أو تعديته بالباء، والمعنى اعلموا ولدها، أو انظروا إلى ولدها الذي ستلده من هذا الحمل الذي لاعنت به على أي صفة تلده، حتى تستدلّوا على كذب أحدهما. واللَّه تعالى أعلم.

وتمام شرح الحديث يأتي في الباب التالي، إن شاء اللَّه تعالى. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

"إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا باللَّه، عليه توكلت، وإليه أنيب".

٣٨ - (كَيْفَ اللِّعَانُ)

٣٤٩٦ - (أَخْبَرَنَا عِمْرَانُ بْنُ يَزِيدَ, قَالَ: حَدَّثَنَا مَخْلَدُ بْنُ حُسَيْنٍ الأَزْدِيُّ, قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ, عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ, عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ, قَالَ: إِنَّ أَوَّلَ لِعَانٍ كَانَ فِي الإِسْلَامِ, أَنَّ هِلَالَ بْنَ أُمَيَّةَ, قَذَفَ شَرِيكَ ابْنَ السَّحْمَاءِ بِامْرَأَتِهِ, فَأَتَى النَّبِيَّ - صلى اللَّه عليه وسلم -, فَأَخْبَرَهُ بِذَلِكَ, فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ - صلى اللَّه عليه وسلم -: «أَرْبَعَةَ شُهَدَاءَ, وَإِلاَّ فَحَدٌّ فِي ظَهْرِكَ» , يُرَدِّدُ ذَلِكَ عَلَيْهِ مِرَارًا, فَقَالَ لَهُ هِلَالٌ: وَاللَّهِ, يَا رَسُولَ اللهِ, إِنَّ اللَّهَ -عَزَّ وَجَلَّ-, لَيَعْلَمُ أَنِّي صَادِقٌ, وَلَيُنْزِلَنَّ اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ- عَلَيْكَ, مَا يُبَرِّئُ ظَهْرِي مِنَ الْجَلْدِ, فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ, إِذْ نَزَلَتْ عَلَيْهِ آيَةُ اللِّعَانِ: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} إِلَى آخِرِ الآيَةِ, فَدَعَا هِلَالاً, فَشَهِدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ, إِنَّهُ لَمِنَ


(١) "المصباح المنير".
(٢) "الدرّ المصون في علوم الكتاب المكنون" ٥/ ٤٩ "تفسير سورة طه".