للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَفِي أَبٍ وَتَالِيَيْهِ يَنْدُرُ … وَقَصْرُهَا مِنْ نَقْصِهِنَّ أَشْهَرُ

و"البراء" هذا هو ابن مالك بن النضر بن ضمضم بن زيد بن حرام بن جندب بن عامر ابن غَنم بن عديّ بن النجّار الأنصاريّ النجاريّ، أخو أنس بن مالك لأبيه. قاله أبو حاتم. وقال ابن سعد: أخوه لأبيه وأمه، أمهما أم سليم. قال الحافظ: وفيه نظر؛ لأنه أخو شريك بن سحماء لأمه، أمهما سحماء، وأما أم أنس، فهي أم سليم، بلا خلاف. وكان البراء - رضي اللَّه عنه - حادي النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، يرجز له في بعض أسفاره، وشهد معه المشاهد إلا بدرًا. روى البغويّ بإسناد صحيح عن محمد بن سيرين، عن أنس - رضي اللَّه عنه - قال: دخلت على البراء بن مالك - رضي اللَّه عنه -، وهو يتغنّى، فقلت له: قد أبدلك اللَّه ما هو خير منه، فقال: أترهب أن أموت على فراشي، لا واللَّه، ما كان اللَّه ليَحْرِمني ذلك، وقد قتلت مائة منفردَا، سوى من شاركت فيه. وأخرج بقي بن مخلد في "مسنده" عن أبي إسحاق، قال: زحف المسلمون إلى المشركين يوم اليمامة حتى ألجئوهم إلى حديقة فيها عدوّ اللَّه مسيلمة، فقال البراء بن مالك: يا معشر المسلمين، ألقوني إليهم، فاحتُمِل حتى إذا أشرف على الجدار اقتحم، فقاتلهم على الحديقة، حتى فتحها على المسلمين، ودخل عليهم المسلمون، فقتل اللَّه مسيلمة. وأخرج بسنده عن أنس - رضي اللَّه عنه -، قال: رَمَى البراء بنفسه عليهم، فقاتلهم حتى فتح الباب، وبه بضع وثمانون جراحةً من بين رمية بسهم، وضربة، فحُمل إلى رحله يُداوَى، وقام عليه خالد شهرًا.

وأخرج الترمذيّ من طريق ثابت، وعليّ بن زيد، عن أنس - رضي اللَّه عنه -: أن النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - قال: "ربّ أشعث أغبر لا يُؤْبه له، لو أقسم على اللَّه لأبرّه، منهم البراء بن مالك"، فلما كان يوم تُستر من بلاد فارس، انكشف الناس، فقال المسلمون: يا براء أقسم على ربّك، فقال: أُقسم عليك يا ربّ لَمّا منحتنا أكتافهم، وألحقتني بنبيّك، فحمل، وحمل الناس معه، فقتل مرزُبان الزارة من عظماء الفرس، وأخذ سلبه، فانهزم الفرس، وقُتل البراء.

استُشهد يوم حصن تستر في خلافة عمر - رضي اللَّه عنه - سنة عشرين. وقيل: قبلها. وقيل: سنة ثلاث وعشرين. وذكر سيف أن الهرمزان هو الذي قتله. انتهى ملخّصًا من "الإصابة" (١).

وقوله: "أبصروه" الضمير لولدها. ثم الظاهر أنه من الإبصار، فهمزته همزة قطع، ويحتمل أن يكون من البصر -بفتحتين- من بابي كَرُم، وعلم، لكن هذا قليل، إذ


(١) راجع "الإصابة في تمييز الصحابة" ١/ ٢٣٥ - ٢٣٧.