(منها): ما ترجم له المصنّف رحمه الله تعالى، وهو بيان النهي عن لبس الديباج. (ومنها): أن فيه تحريم الشرب فِي إناء الذهب، والفضة. (ومنها)؛ أن فيه تعزيرَ منْ ارتكب معصية، لاسيما إن كاد قد سبق نهيه عنها، كقضية الدهقان مع حذيفة -رضي الله عنه-. (ومنها): أنه لا بأس أن يُعَزِّرَ الأميرُ بنفسه بعض مستحقي التعزير. (ومنها): أن الأمير، والكبير، إذا فعل شيئا صحيحا فِي نفس الأمر، ولا يكون وجهه ظاهرا لمن حضره ينبغي له أن ينبه بذكر سبب فعله، ويبيّن دليله، حَتَّى لا يحمل منْ يراه عَلَى إساءة الظنّ به، كما صحّ عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قوله: "إنها صفيّة". والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.
"إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا بالله، عليه توكّلت، وإليه أنيب".
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: الظاهر منْ صنيع المصنّف رحمه الله تعالى أنه يرى أن هَذَا الْحَدِيث كَانَ قبل تحريم لبس الحرير والذهب للرجال؛ لأنه -صلى الله عليه وسلم- لا يلبس الديباج، وهو الحرير بعد التحريم، لكن هَذَا عَلَى تقدير أن قوله فِي الْحَدِيث: "فلبسه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الخ" محفوظ، والظاهر أنه غير محفوظ؛ لأن الْحَدِيث أخرجه الشيخان فِي "صحيحيهما" منْ طريق شيبان، عن قتادة، وفيه: "وكان ينهى عن الحرير"، فقد صرح أنس -رضي الله عنه- بأنه كَانَ بعد التحريم، فيتبيّن به أنه قوله: "فلبسه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" غير محفوظ، ولعلها منْ أوهام محمد بن عمرو، فإنه ذو أوهام. والله تعالى أعلم بالصواب.