كنت تقول في هذا الرجل؟، فيقول: كنت أقول: ما يقول الناس، فيضربه بمطراق، من حديد بين أذنيه، فيصيح صيحة، يسمعها الخلق، غير الثقلين".
حدثنا محمد بن سليمان حدثنا عبد الوهاب بمثل هذا الإسناد نحوه قال: "إن العبد إذا وضع في قبره، وتولى عنه أصحابه، إنه ليسمع قرع نعالهم، فيأتيه ملكان، فيقولان له … "، فذكر قريبًا من حديث الأول، قال فيه: "وأما الكافر، والمنافق، فيقولان له"، زاد المنافق، وقال: "يسمعها من وليه، غير الثقلين … ".
(إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا وُضِعَ) بالبناء للمفعول (فِي قَبْرِهِ، وَتَوَلَّى عَنْهُ أَصْحَابُهُ) أي القوم الذين يتولّون دفنه (إِنَّهُ لَيَسْمَعُ) ظاهره أن هذه الجملة خبر "إن" الأولى، وجواب "إذا" دلّ عليه السابق واللاحق، لكن الذي تدلّ عليه الرواية الآتية، أن جواب "إذا" محذوف، أي "أتاه ملكان"، وموضع "إنه ليسمع الخ" نصب على الحال.
وفي رواية البخاريّ: "حتى إنه ليسمع قرع نعالهم أتاه ملكان"، وفي رواية له: "وإنه ليسمع قرع نعالهم، أتاه ملكان" (قَرْعَ نِعَالِهِمْ") أي تصويتها، وفي حديث البراء - رضي اللَّه عنه - عند أحمد، وأبي داود، في أثناء حديث طويل:"وإنه ليسمع خَفْق نعالهم"، وخَفْقُ النعال: تصويتها، فهو بمعنى قرع النعال.
وهذا محل استدلال المصنّف على ترجمته، لكن في استدلاله به نظر؛ لأنه لا يستلزم أن يكون قرع النعال على القبور، بل الظاهر أنه بعد توليهم عنه، وأصرح منه ما أخرجه البزّار، وابن حبان في "صحيحه" من حديث أبي هريرة - رضي اللَّه عنه -، عن النبي - صلى اللَّه عليه وسلم -: "إن الميت ليسمع خفق نعالهم، إذا ولّوا مدبرين"، وقد تقدم تمام البحث في الحديث الماضي. واللَّه تعالى أعلم.
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: هذا الحديث سيأتي بأتمّ مما هنا في الباب التالي، والذي بعده، وسيأتي ذكر مسائده هناك، إن شاء اللَّه تعالى. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
"إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا باللَّه، عليه توكلت، وإليه أنيب".
…
١٠٩ - الْمَسْأَلَةُ فِي الْقَبْرِ
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: أراد به مسألة المسلم، بدليل الترجمة التالية، وقد صرّح به في "الكبرى"، فقال:"مسألة المسلم في القبر". واللَّه تعالى أعلم بالصواب.