قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: رجال هذا الإسناد كلهم رجال الصحيح، وتقدّموا. و"أبو بكر بن إسحاق": هو محمد بن إسحاق الصاغاني، نزيل بغداد الثقة الثبت. و"أبو الجوّاب": هو الأحوص بن جوّاب الضبيّ الكوفيّ. و"أبو إسحاق": هو عمرو ابن عبد اللَّه السبيعيّ الكوفيّ.
وقولها:"فأرادت النقلة" -بضمّ النون، وسكون القاف-: اسم بمعنى الانتقال.
وقوله:"فحصبه الأسود" أي رمى الأسود بن يزيد الشعبيَّ بالحصباء -وهي دُقَاقُ الحصى- حين حدّث بهذا الحديث، منكرًا عليه؛ لأن عمر بن الخطّاب - رضي اللَّه تعالى عنه - أنكره على فاطمة - رضي اللَّه تعالى عنها -، ورواية مسلم -رحمه اللَّه تعالى- في "صحيحه" أصرح في هذا، ولفظه من طريق أبي أحمد الزبيريّ، قال: حدثنا عمار بن رُزَيق، عن أبي إسحاق، قال: كنت مع الأسود بن يزيد، جالسا في المسجد الأعظم، ومعنا الشعبي، فحدث الشعبي، بحديث فاطمة بنت قيس، أن رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، لم يجعل لها سكنى، ولا نفقة، ثم أخذ الأسود كَفًّا من حصى، فحصبه به، فقال: ويلك تحدث بمثل هذا؟، قال عمر: لا نترك كتاب اللَّه، وسنة نبينا - صلى اللَّه عليه وسلم -، لقول امرأة، لا ندري لعلها حفظت، أو نسيت، لها السكنى والنفقة، قال اللَّه -عَزَّ وَجَلَّ-: {لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ}.
وقوله:{لَا تُخْرِجُوهُنَّ} الآية هو من كلام عمر - رضي اللَّه تعالى عنه -، ذكره استدلالًا على ما أنكره على فاطمة - رضي اللَّه تعالى عنها -، من نفيها النفقة والسكنى.
والحديث أخرجه مسلم، وقد سبق بيان ذلك، وسيأتي الجواب عن إنكار عمر - رضي اللَّه عنه -، وكذا ما تقدّم عن عائشة - رضي اللَّه تعالى عنها -، وغيرهما بعد بابين، إن شاء اللَّه تعالى. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
"إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا باللَّه، عليه توكلت، وإليه أنيب".
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: هكذا نسخ "المجتبى" بلفظ: "المتوفّى عنها"، ولفظ "الكبرى": "المبتوتة"، وهو واضح، حيث إن حديث الباب صريح فيه، ولما هنا أيضًا