أبو بكر -رضي الله عنه- اتّفق أن كانت قيمته وقتئذ خمسة دراهم، فقط به، ولو اتّفق أن كَانَ أقل منْ ذلك لقطع به، إذا كَانَ ربع دينار، فلا تنافي بين المرفوع والموقوف، فتبصّر. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.
٤٩١٥ - (أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، عَنْ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسًا، يَقُولُ: سَرَقَ رَجُلٌ مِجَنًّا، عَلَى عَهْدِ أَبِي بَكْرٍ، فَقُوِّمَ خَمْسَةَ دَرَاهِمَ فَقُطِعَ").
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: "أبو داود": هو سليمان بن داود بن الجارود الطيالسيّ البصريّ الحافظ.
وقوله: "سمعت" فيه تصريح قتادة بالسماع، فقد زال به تهمة التدليس، وإن كَانَ هَذَا لا يُخاف منه إذا كَانَ الراوي عنه شعبة؛ لأنه لا يروي عنه إلا ما صرّح بالسماع، فقد نُقل عنه أنه قَالَ: كفيتكم تدليس ثلاثة: الأعمش، وأبي إسحاق، وقتادة، وَقَالَ أيضًا: كنت أتفقّد فم قتادة، فإذا قَالَ: حدّثنا، وسمعت حفظته، وإذا قَالَ: حدث فلانٌ تركته، وإلى ذلك أشرت فِي منظومتي "الجوهر النفيس فِي نظم أسماء، ومراتب الموصوفين بالتدليس" فِي معرض الردّ عَلَى أن شعبة دلّس فِي حديث، فقلت:
وَكَيْفَ لَا وَقَدْ كَفَانَا عَلَنَا … مِنْ شَرِّ تَدْلِيسِ ثَلَاثَةٍ لَنَا
قَتَادَة ثُمَّ السَّبِيعِي الأَعْمَشِ … فَاقْنَع بِمَا قَالَ وَلَا تُفَتِّشِ
فَهَذِهَ قَاعِدَةٌ سَنيَّةُ … إِذَا أتَتْ لَنَا مِنْهُمْ رِوَايَةُ
أَيْ مِنْ طَرِيقِ شُعْبَةِ مُعَنْعَنَهْ … مَحْمُولَةٌ عَلَى السَّمَاعِ آمِنَهْ
والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
"إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا بالله، عليه توكّلت، وإليه أنيب".
…
٩ - (ذِكْرِ الاِخْتِلَافِ عَلَى الزُّهْرِيِّ)
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: وجه إلاختلاف المذكور أنه رواه حفص بن حسّان عنه، عن عروة، عن عائشة، بلفظ: "قطع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فِي ربع دينار"، ورواه القاسم ابن مبرور، عن يونس، عنه به، بلفظ: "لا تُقطع اليد إلا فِي ثمن المِجنّ، ثُلُث دينار،