للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وإني لأبتغي ما يبتغي النِّساء، فأرسل إلى زوجها، فجاء، فَقَالَ لكعب: اقض بينهما، قَالَ: أمير المؤمنين أحق أن يقضي بينهما، قَالَ: عزمت عليك لتقضين بينهما، فإنك فهمت منْ أمرها ما لم أفهم، قَالَ: فإني أرى كأنها عليها ثلاث نسوة، هي رابعتهن، فأقضي له بثلاثة أيام بلياليهن، يتعبد فيهن، ولها يوم وليلة، فَقَالَ عمر والله ما رأيك الأول، أعجب إلى منْ الآخر، اذهب فأنتَ قاض عَلَى البصرة.

إذا ثبت هَذَا، فإنه يشاور أهل العلم والأمانة؛ لأن منْ ليس كذلك فلا قول له فِي الحادثة، ولا يُسكن إلى قوله، قَالَ سفيان: وليكن أهل مشورتك أهل التقوى، وأهل الأمانة، ويشاور الموافقين والمخالفين، ويسألهم عن حجتهم؛ ليبين له الحق.

والمشاورة هاهنا لاستخراج الأدلة، ويعرفُ الحق بالاجتهاد، ولا يجوز أن يقلد غيره، ويحكم بقول سواه، سواء ظهر له الحق فخالفه غيره فيه، أو لم يظهر له شيء، وسواء ضاق الوقت، أو لم يضق، وكذلك ليس للمفتي الفتيا بالتقليد، وبهذا قَالَ الشافعيّ، وأبو يوسف، ومحمد، وَقَالَ أبو حنيفة: إذا كَانَ الحاكم منْ أهل الإجتهاد جاز له ترك رأيه لرأي منْ هو أفقه منه عنده، إذا صار إليه، فهو ضرب منْ الاجتهاد، ولأنه يعتقد أنه أعرف منه بطريق الاجتهاد.

وحجة الأولين أنه منْ أهل الاجتهاد، فلم يجز له تقليد غيره، كما لو كَانَ مثله كالمجتهدين فِي القبلة، وما ذكره ليس بصحيح، فإن منْ هو أفقه منه، يجوز عليه الخطأ، فإذا اعتقد أن ما قاله خطأ، لم يجز له أن يعمل به، وإن كَانَ لم يَبِنْ له الحق، فلا يجوز له أن يحكم بما يجوز أن يَبِين له خطؤه إذا اجتهد. قاله فِي "المغني" ١٤/ ٢٦ - ٢٩. وهو بحث نفيس، وتحقيق أَنيس. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.

١ - (فَضْلِ الْحَاكِمِ الْعَادِلِ فِي حُكْمِهِ (١))

٥٣٨١ - (أَخْبَرَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو ح وَأَنْبَأَنَا (٢) مُحَمَّدُ بْنُ آدَمَ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ


(١) وفي نسخة: "فِي حكم".
(٢) وفي نسخة: "أخبرنا".