للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال: وكان مالك، والشافعيّ، وأحمد، يقولون: يوتر ما لم يصلّ الصبح، وحُكي عن سفيان الثوريّ، أنه قال: إن أوترت بعد طلوع الفجر فلا بأس، وهكذا قال الأوزاعيّ، وقال النخعيّ، والحسن، والشعبيّ: إذا صلى الغداة فلا يوتر، وقال أيوب السختياني، وحميد الطويل: إنّ أكثر وترنا بعد طلوع الفجر.

الثالث: يصلي الوتر، وإن صلى الصبح، كذلك قال طاوس، وقيل لأحمد بن حنبل: قال سفيان: اقض الوتر، إذا طلعت الشمس. قال أحمد: لا. وقال إسحاق كما قال أحمد.

وقال النعمان: إذا صلى الفجر، ولم يوتر، ثم ذكر الوتر، فعليه قضاء الوتر.

الرابع: يصلي الوتر، وإن طلعت الشمس، روي هذا القول عن عطاء، وطاوس، ومجاهد، والحسن، والشعبي، وحماد بن أبي سليمان، وبه قال الأوزاعيّ، وأبو ثور.

الخامس: قول سعيد بن جبير فيمن فاته الوتر حتى صلى الصبح، قال: يوتر من القابلة. انتهى كلام ابن المنذر -رحمه اللَّه تعالى- بتصرّف، واختصار (١).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: القول الراجح عندي قول من قال: إن الوتر إذا فات يُقضَى مطلقًا أبدًا ليلاً أو نهارًا، لحديث أبي داود وغيره من حديث أبي سعيد الخدري - رضي اللَّه عنه -، مرفوعًا: "من نام عن وتره، أو نسيه، فليصلّه إذا ذكره". صححه الحاكم، ووافقه الذهبيّ، وصححه أيضا الحافظ العراقي، وفي لفظ للترمذيّ: "من نام عن الوتر، أو نسيه، فليصل إذا ذكر، وإذا استيقظ"، ولحديث الباب، ولأنه - صلى اللَّه عليه وسلم - قضى سنة الصبح بعد طلوع الشمس حينما فاتته مع الفرض، ولعموم: "من نام عن صلاة، أو نسيها، فليصلّها إذا ذكرها"، فإنه يدخل فيه الفرض، والنفل، وهو في الفرض أمر فرض، وفي النفل أمر ندب. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب. "إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا باللَّه، عليه توكلت، وإليه أنيب".

٣٣ - بَابُ الْوِتْرِ عَلَى الرَّاحِلَةِ

١٦٨٦ - أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ, قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ, عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الأَخْنَسِ, عَنْ نَافِعٍ, عَنِ ابْنِ عُمَرَ, أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم - كَانَ يُوتِرُ عَلَى الرَّاحِلَةِ.

قال الجامع عفا اللَّهَ تعالى عنه: "عبيد اللَّه بن سعيد": هو السرخسيّ، و"يحيى بن


(١) - "الأوسط" ج ٥ ص ١٩٠ - ١٩٤.