للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

١٩ - (الْخِطْبَةُ فِي النِّكَاحِ)

أي هذا باب ذكر الحديث الدّالّ على مشروعيّة خِطْبَةِ النساء لأجل نكاحهنّ.

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: "الْخِطْبة" هنا -بكسر الخاء المعجمة، وسكون الطاء المهملة- قال الفيّوميّ -رحمه اللَّه تعالى-: خاطبه مخاطبةً، وخِطابًا، وهو الكلام بين متكلّم وسامع، ومنه اشتقاق الخطبة -بضمّ الخاء، وكسرها باختلاف معنيين، فيقال في الموعظة: خَطَبَ القومَ، وعليهم، من باب قَتَلَ، خُطْبةً -بالضمّ- وهي فُعْلَةٌ بمعنى مَفْعُولةٍ، نحوُ نُسْخةٍ بمعنى منسوخةٍ، وغُرْفَةٍ من ماءٍ بمعنى مغروفة، وجمعها خُطَبٌ، مثلُ غرفة وغُرَفٍ، فهو خَطِيبٌ، والجمع الخُطَباءُ، وهو خَطِيبُ القوم، إذا كان هو المتكلّمَ عنهم.

وخَطَبَ المرأةَ إلى القوم: إذا طلب أن يتزوّج منهم، واختطبها، والاسم الْخِطْبَةُ-بالكسر- فهو خاطبٌ، وخَطّابٌ مبالغةٌ، وبه سُمِّي، واختطبه القومُ: دعوه إلى تزويج صاحبتهم انتهى.

واستدلال المصنّف -رحمه اللَّه تعالى- بالحديث على الترجمة واضحٌ؛ فقد خطب جماعة من الصحابة - رضي اللَّه عنهم - فاطمة بنت قيس - رضي اللَّه تعالى عنها -، وخطبها النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - لأسامة بن زيد - رضي اللَّه عنه -. واللَّه تعالى أعلم بالصواب.

٣٢٣٨ - (أَخْبَرَنِي (١) عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلاَّمٍ, قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ, قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي, قَالَ: حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ الْمُعَلِّمُ, قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ, قَالَ: حَدَّثَنِي عَامِرُ بْنُ شَرَاحِيلَ الشَّعْبِيُّ, أَنَّهُ سَمِعَ فَاطِمَةَ بِنْتَ قَيْسٍ, - وَكَانَتْ مِنَ الْمُهَاجِرَاتِ الأُوَلِ, قَالَتْ: خَطَبَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ, فِي نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ - صلى اللَّه عليه وسلم -, وَخَطَبَنِي رَسُولُ اللهِ - صلى اللَّه عليه وسلم - عَلَى مَوْلَاهُ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ, وَقَدْ كُنْتُ حُدِّثْتُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -, قَالَ: «مَنْ أَحَبَّنِي فَلْيُحِبَّ أُسَامَةَ» , فَلَمَّا كَلَّمَنِي رَسُولُ اللهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -, قُلْتُ: أَمْرِي بِيَدِكَ, فَأَنْكِحْنِي مَنْ شِئْتَ, فَقَالَ: «انْطَلِقِي إِلَى أُمِّ شَرِيكٍ» , وَأُمُّ شَرِيكٍ امْرَأَةٌ غَنِيَّةٌ, مِنَ الأَنْصَارِ, عَظِيمَةُ النَّفَقَةِ فِي سَبِيلِ اللهِ -عَزَّ وَجَلَّ-, يَنْزِلُ عَلَيْهَا الضِّيفَانُ, فَقُلْتُ: سَأَفْعَلُ, قَالَ: «لَا تَفْعَلِي, فَإِنَّ أُمَّ شَرِيكٍ, كَثِيرَةُ الضِّيفَانِ, فَإِنِّي أَكْرَهُ أَنْ يَسْقُطَ عَنْكِ خِمَارُكِ, أَوْ يَنْكَشِفَ الثَّوْبُ عَنْ سَاقَيْكِ, فَيَرَى الْقَوْمُ مِنْكِ بَعْضَ مَا تَكْرَهِينَ, وَلَكِنِ انْتَقِلِي إِلَى ابْنِ عَمِّكِ, عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ» , وَهُوَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي فِهْرٍ, فَانْتَقَلْتُ إِلَيْهِ. مُخْتَصَرٌ).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: هذا الحديث أخرجه مسلم، وقد تقدم للمصنّف


(١) - وفي بعض النسخ: "أخبرنا".