وهم حماد بن زيد، وشعبة، وابن عيينة، والثوريّ، وهشيم، وابن جريج، كلهم عن عمرو بن دينار، ولم يذكروا فيه تلك الزيادة (١).
بل زاد ابن جريج زيادة أخرى تبطل تلك الزيادة، فقد قال في روايته: قلت: لم يقل: "ليقطعهما"؟ قال: لا. أخرجه الدارميّ، والطحاويّ، وأحمد ١/ ٢٢٨.
والقائل: "قلت" هو إما عمرو بن دينار، وإما ابن جريج، وأيهما كان فعمرو بن دينار على علم بأنه ليس في حديث ابن عباس: "وليقطعهما"، فهو دليل قاطع على أنها غلط.
وأيضًا مما يوهنها قول أبي داود بعد أن ساق الحديث: هذا حديث أهل مكة، ومرجعه إلى البصرة، إلى جابر بن زيد، والذي تفرّد به منه ذكر السراويل، ولم يذكر القطع في الخفّ انتهى. وهذا أيضًا مما يؤيّد القطع بكونها غلطًا.
والحاصل أن زيادة القطع في حديث ابن عباس المذكور في الباب لا صحّة لها أصلاً، والذي أراه أنها ممن بعد المصنّف من رواة "المجتبى"، بدليل عدم وجودها في "الكبرى" مع كون السند واحدًا، وبدليل إيراد المصنّف حديث ابن عمر - رضي اللَّه تعالى - عنهما - بعد الترجمة التالية، إشارة إلى أن حديث ابن عباس - رضي اللَّه تعالى عنهما - مطلق، يُقيّد بحديث ابن عمر - رضي اللَّه تعالى عنهما -. فقول التركماني في "الجوهر النقيّ" هذا إسناد جيد ليس بجيّد، وكذا قول وليّ الدين العراقيّ: "بإسناد صحيح" ليس بصحيح. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
"إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا باللَّه، عليه توكلت، وإليه أُنيب".
…
٣٧ - (قَطْعُهُمَا أَسْفَلَ مِنَ الْكَعْبَيْنِ)
٢٦٩٢ - (أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ, قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ, قَالَ: أَنْبَأَنَا ابْنُ عَوْنٍ, عَنْ نَافِعٍ, عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضي اللَّه عنهما -, عَنِ النَّبِيِّ - صلى اللَّه عليه وسلم -, قَالَ: «إِذَا لَمْ يَجِدِ الْمُحْرِمُ النَّعْلَيْنِ, فَلْيَلْبَسِ الْخُفَّيْنِ, وَلْيَقْطَعْهُمَا أَسْفَلَ مِنَ الْكَعْبَيْنِ»).
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: "يعقوب بن إبراهيم": هو الدَّوْرَقيّ.
والحديث متّفق عليه، وقد مرّ شرحه، والكلام على مسائله، غير مرّة، ولنتكلّم هنا على ما ترجم له المصنّف -رحمه اللَّه تعالى-، وهو قطع الخفين من أسفل الكعبين، وفيه مسائل:
(١) - راجع رواياتهم في "صحيح مسلم" ٨/ ٣١٦ - ٣١٧. بنسخة "شرح النوويّ".