للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

[قلت]: لا تنافي بينهما، إذ النهي مشروط بقوله: "ما تركوكم"، فمفهومه أنهم إذا لم يتركوا لم يُتركوا، بل يُقاتلون، وقد وعد اللَّه سبحانه وتعالى بالنصر للمؤمنين، وقد وقع ذلك للمسلمين الذين قاتلوا الترك بعد النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، كما سجّلته كتب التواريخ، كما وقع في وقعة عين جالوت وغيرها. واللَّه تعالى أعلم.

(ومنها): أن فيه معجزة ظاهرة للنبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، حيث أخبر بما سيقع لأمته بعده، فوقع مطابقًا لما أخبر به.

قال النوويّ -رحمه اللَّه تعالى- في "شرح مسلم": وهذه كلها معجزات لرسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، فقد وُجد قتال هؤلاء الترك بجميع صفاتهم التي ذكرها - صلى اللَّه عليه وسلم - صغار الأعين، حُمْر الوجوه، ذُلْف الأنوف، عراض الوجوه، كان وجوههم المجانّ المطرقة، ينتعلون الشعر، فوجدوا بهذه الصفات كلها في زماننا، وقاتلهم المسلمون مرّات، وقتالهم الآن، ونسال اللَّه الكريم إحسان العاقبة للمسلمين في أمرهم، وأمر غيرهم، وسائر أحوالهم، وإدامة اللطف بهم، والحماية، وصلى اللَّه على رسوله الذي لا ينطق عن الهوى، {إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} انتهى (١). واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

"إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا باللَّه، عليه توكلت، وإليه أنيب".

٤٣ - (الاسْتِنْصَارُ بِالضَّعِيفِ)

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: معناه: طلب النصر من اللَّه تعالى بدعاء الضعيف. وقد ترجم الإمام البخاريّ -رحمه اللَّه تعالى- في "صحيحه" بقوله: "باب من استعان بالضعفاء، والصالحين في الحرب"، ثم أورد مع حديث سعد هذا حديث أبي سعيد الخدريّ - رضي اللَّه عنه -، عن النبي - صلى اللَّه عليه وسلم -، قال: "يأتي زمان، يغزو فِئَامٌ من الناس، فيقال: فيكم مَن صَحِبَ النبي - صلى اللَّه عليه وسلم -؟، فيقال: نعم، فيُفتَح عليه، ثم يأتي زمان، فيقال: فيكم مَن صحب أصحاب النبي - صلى اللَّه عليه وسلم -؟، فيقال: نعم، فيُفتَح، ثم يأتي زمان، فيقال: فيكم من صحب صاحب أصحاب النبي - صلى اللَّه عليه وسلم -؟، فيقال: نعم، فيفتح" (٢). واللَّه تعالى أعلم بالصواب.


(١) - "شرح مسلم" ١٨/ ٢٤٥.
(٢) "صحيح البخاريّ" ٦/ ١٨٤. بنسخة "الفتح".