للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

[فإن قلت]: أيضًا لم يتفرّد محمد بن كثير بهذا، فقد رواه معمر، عن ثابت، عن أنس - رضي اللَّه عنه -، أخرجه أحمد ٣/ ١٦٢ و ١٦٥ و ١٩٧ وابن ماجه (١٨٨٥) وابن حبّان في "صحيحه" (٤١٥٤)، فهلا يصحّ بذلك؟.

[قلت]: رواية معمر قد أعلّها الإمام أحمد -رحمه اللَّه تعالى-، فقد ذكر الحافظ ابن رجب -رحمه اللَّه تعالى- في "شرح علل الترمذيّ"، فقال: وقد كان بعض المدلّسين، يسمع الحديث من ضعيف، فيرويه عنه، ويدلّسه معه عن ثقة، لم يسمعه منه، فيُظنّ أنه سمعه منهما، كما روى معمر عن ثابت، وأبان، وغير واحد (١)، عن أنس - رضي اللَّه عنه -، عن النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -: "أنه نهى عن الشغار". قال أحمد: هذا عمل أبان. يعني أنه حديث أبان، وإنما معمر، يعني دلّسه. ذكره الخلّال، عن هلال بن العلاء الرقّيّ، عن أحمد انتهى (٢).

فتبيّن بهذا أن رواية معمر غير صحيحة، فلا تقوّي رواية محمد بن كثير.

والحاصل أن الحديث صحيح من مسند عمران بن حُصين - رضي اللَّه تعالى عنهما -، لا من مسند أنس - رضي اللَّه عنه - (٣). واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

"إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا باللَّه، عليه توكلت، وإليه أنيب".

٦١ - (تَفْسِيرُ الشِّغَارِ)

٣٣٣٨ - (أَخْبَرَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ, قَالَ: حَدَّثَنَا مَعْنٌ, قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكٌ, عَنْ نَافِعٍ, ح وَالْحَارِثُ بْنُ مِسْكِينٍ, قِرَاءَةً عَلَيْهِ, وَأَنَا أَسْمَعُ, عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ, قَالَ: مَالِكٌ حَدَّثَنِي نَافِعٌ, عَنِ ابْنِ عُمَرَ, أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -, نَهَى عَنِ الشِّغَارِ, وَالشِّغَارُ أَنْ يُزَوِّجَ الرَّجُلُ


(١) أخرجه أحمد في "مسنده" ٣/ ١٦٥ - رقم ١٢٢٧٥ - فقال: حدثنا عبد الرزاق، حدثنا معمر، عن ثابت، وأبان، وغير واحد، عن أنس، أن النبي - صلى اللَّه عليه وسلم -، قال: "لا شغار في الإسلام".
(٢) انظر "شرح علل الترمذيّ" ٢/ ٨٦٥ تحقيق الدكتور همام عبد الرحيم سعيد.
(٣) وقد صحح الشيخ الألباني الحديث من رواية أنس أيضًا، نظرًا لظاهر الإسناد، قال: وإسناده صحيح على شرط الشيخين، راجع "إرواء الغليل" ٦/ ٣٠٥ - ٣٠٧. لكن قد عرفت أن المصنّف ضعف رواية محمد بن كثير، وضعّف أحمد رواية معمر، فلا يستقيم التصحيح، وإنما الحديث لعمران بن حصين - رضي اللَّه تعالى عنهما -، فتبصّر. واللَّه تعالى أعلم.