قال الجامع عفا الله تعالى عنه: يحتمل أن مذهب المصنف رحمه الله تعالى أنه يرى أن وقت الجمعة بعد الزوال، وهو مذهب الإِمام البخاري، وجمهور أهل العلم، كما سيأتي قريبًا إن شاء الله تعالى.
لكن استدلاله على هذا بحديث أبي هريرة -رضي الله عنه- شكله فيه بعد؛ لأن ظاهره يدلّ لمن قال بجواز الجمعة قبل الزوال؛ لأنه ظاهر في أن خروج الإِمام في أول الساعة السادسة.
اللهم إلا إذا حمل معنى الحديث على أن هذه الساعات الخمس تكون من الساعة الثانية، كما تقدّم؛ لأن الساعة الأولى تكون للتأهب بالاغتسال، وغيره من أنواع النظافة، فتكون الثانية بداية للرواح إلى الجمعة، وتكون الساعة الخامسة هي السادسة، ويكون خروج الإِمام في السابعة وهي بعد الزوال، فيكون الحديث دليلًا على أن وقت صلاة الجمعة بعد الزوال.
وهذا إن لم تكن زيادة البطة في رواية عبد الأعلى، عن معمر، وزيادة العصفور في رواية ابن عجلان، عن سميّ، صحيحةً، وهو الصحيح، وإلا فلا إشكال، ولعله أراد ذلك، حيث أورد هذا الباب بعد ذكر الباب المشتمل على الروايتين المشتملتين على الزيادة. والله تعالى أعلم.
وأما استدلاله بحديث جابر -رضي الله عنه- الأول ففيه بُعْدٌ؛ لأن الحديث فيه بيان وقت ساعة الإجادة بأنها آخر ساعة بعد العصر، وليس فيه تعرض لوقت صلاة الجمعة.
لكن يُستفاد منه أن المراد بالساعات الخمس المذكورة في حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه هي الساعات المنقسمة إلى اثنتي عشرة ساعةً، ففيه الردّ على من فسر الساعات الخمس بأنها لحظات بعد الزوال، فقال: إن الرواح بعد الزوال، لا قبله، كما هو مذهب الإِمام مالك رحمه الله تعالى.
وأما استدلاله بحديث جابر الثاني، فظاهر على أن السؤال والجواب في قوله:"أيّة ساعة؟، قال: زوالُ الشمس" محمولان على الصلاة، وأما إذا حمل على الرجوع، فيكون الحديث دليلًا لمن قال بجواز صلاة الجمعة قبل الزوال.
وأما استدلاله بحديث سلمة بن الأكوع -رضي الله عنه-، فظاهر؛ لأن الفيء لا يكون إلا بعد الزوال، كما بينه أهل اللغة، فالظاهر أنهم صلوا بعد الزوال مبكّرين، ثم رجعوا قبل أن