للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

النوويّ -رحمه اللَّه تعالى-: وهو مجمع عليه، وحكمته صيانة الميت من الانكشاف، وستر عورته المتغيّرة عن الأعين، قال بعض أصحاب الشافعيّ: ويُلَفّ طرف الثوب المسجّى به تحت رأسه، وطرفه الآخر تحت رجليه، لئلا ينكشف منه، قال: وتكون التسجية بعد نزع ثيابه التي تُوفّي فيها، لئلا يتغيّر بدنه بسببها انتهى (١). ومنها: منقبة والد جابر - رضي اللَّه عنه -، حيث أظلته الملائكة بأجنحتها. ومنها: عناية الملائكة بخدمة الصالحين، ومصاحبتهم، كما قال اللَّه تعالى حكاية عنهم: {نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ} الآية [فصلت: ٣١]. ومنها: فضل الشهادة في سبيل اللَّه تعالى. ومنها: النهي عن البكاء على من مات على خير عمله، وسيأتي تمام البحث عنه بعد باب، إن شاء اللَّه تعالى، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

"إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا باللَّه، عليه توكلت، وإليه أنيب".

١٣ - فِي الْبُكَاءِ عَلَى الْمَيّتِ

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: غرض المصنف -رحمه اللَّه تعالى- بهذه الترجمة جواز البكاء على الميت، فالأحاديث التي أوردها هنا كلها تدلّ على الجواز، وأما الباب التالي، فهو للنهي عنه، كما صرح به هناك، وسيأتي التوفيق بين الأحاديث إن شاء اللَّه تعالى. واللَّه تعالى أعلم.

قال الفيّوميّ -رحمه اللَّه تعالى-: بَكَى يَبْكِي بُكًى، وبُكَاءً، بالقصر والمدّ، وقيل: القصر مع خروج الدموع، والمدّ على إرادة الصوت، وقد جمع الشاعر بين اللغتين، فقال [من الوافر]:

بَكَتْ عَيْنِي وَحَقَّ لَهَا بُكَاهَا … وَمَا يُغْنِي الْبُكَاءُ وَلَا الْعَوِيلُ

ويتعدّى بالهمزة، فيقال: أبكيته، ويقال: بكَيتُهُ، وبكيتُ عليه، وبكيتُ له، وبَكَّيته بالتشديد، وبَكَت السحابةُ: أمطرت انتهى (٢). واللَّه تعالى أعلم بالصواب.

١٨٤٣ - أَخْبَرَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ, قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ, عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ, عَنْ عِكْرِمَةَ, عَنِ ابْنِ عَبَّاسِ, قَالَ: لَمَّا حُضِرَتْ بِنْتٌ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم - صَغِيرَةٌ, فَأَخَذَهَا


(١) - "شرح مسلم" ج ٧ ص ١٣.
(٢) - انظر "المصباح" مادة بكى.