للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عادة الناس في مثل ذلك الشغل، وأما الشرع، فقد نهى - صلى اللَّه عليه وسلم - عن جداد الليل. ولا يقال: فيلزم من إطلاقه أن تخرج بالليل، إذ قد يكون نخلها بعيدًا، تحتاج إلى المبيت فيه، لأنا نقول: لا يلزم ذلك من هذا الحديث؛ لأن نخلهم لم يكن الغالب عليها البعد من المدينة، بحيث يُحتاج إلى المبيت، وإنما هي بحيث يُخرَج إليها، ويُرجَع منها في النهار. انتهى كلام القرطبيّ (١).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: الذي يظهر لي أن المتوفّى عنها زوجها، والمطلّقة طلاقًا بائنًا لهنّ الخروج لحوائجهنّ مطلقًا، ليلًا، أو نهارًا، ثم يعدن إلى بيوتهنّ؛ لإطلاق حديث جابر - رضي اللَّه تعالى عنه -، فإنه - صلى اللَّه عليه وسلم - لما قال لها: "اخرجي، فجدّي" ما قيّده، لا بليل، ولا بنهار، فيعمل بعمومه، وأما المطلّقة طلاقًا رجعيًّا، فلا تخرج مطلقًا، إلا لما استثناه اللَّه تعالى في كتابه حيث قال سبحانه وتعالى: {لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} الآية (٢). واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

"إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا باللَّه، عليه توكلت، وإليه أنيب".

٧٢ - (بَابُ نَفَقَةِ الْبَائِنَةِ)

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: هكذا عبارة المصنّف -رحمه اللَّه تعالى- هنا، وفي "الكبرى" "البائنة" بالهاء، وهو صفة للمرأة، والذي في كتب اللغة أن صفة المرأة بغير هاء، وأما بالهاء، فهو صفة للتطليقة. قال في "اللسان": وبانت المرأة عن الرجل، وهي بائنٌ: انفصلت عنه بطلاق، وتطليقة بائنة، بالهاء لا غير، وهي فاعلة بمعنى مفعولة، أي تطليقة ذات بينونة، ومثله عيشة راضية، أي ذات رضًا انتهى. ونحوه في "القاموس". وفي "المصباح": وبانت المرأة بالطلاق، فهي بائنٌ، بغير هاء، وأبانها زوجها بالألف، فهي مبانةٌ. قال ابن السكّيت في "كتاب التوسعة": وتطليقة بائنة،


(١) "المفهم" ٤/ ٢٧٩.
(٢) انظر ما كتبه ابن حزم في "المحلّى" -١٠/ ٢٨٢ - ٣٠٣ - في هذه المسألة، وإن كنت لا أوافقه في بعض أبحاثه، لكنه -رحمه اللَّه تعالى- أجاد في كثير منه.