للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

رجلاً يرفع يديه داعيًا، فقال: من تتناول بهما، لا أمّ لك؟. وساق الطبري ذلك بأسانيده عنهم. وذكر ابن التين عن عبد اللَّه بن عمرو بن غانم أنه نقل عن مالك أن رفع اليدين في الدعاء ليس من أمر الفقهاء، قال: وقال في "المدونة": ويختصّ الرفع بالاستسقاء، ويجعل بطونهما إلى الأرض.

وأما ما نقله الطبريّ عن ابن عمر، فإنما أنكر رفعهما إلى حذو المنكبين، وقال: ليجعلهما حذو صدره. كذلك أسنده الطبريّ عنه أيضًا. وعن ابن عباس أن هذه صفة الدعاء. وأخرج أبو داود، والحاكم عنه من وجه آخر، قال: المسألة أن ترفع يديك حذو منكبيك، والاستغفار أن تشير بإصبع واحدة، والابتهال أن تمدّ يديك جميعًا. وأخرج الطبريّ من وجه آخر عنه، قال: يرفع يديه حتى يجاوز بهما رأسه.

وقد صحّ عن ابن عمر خلاف ما تقدّم، أخرجه البخاريّ في "الأدب المفرد" من طريق القاسم بن محمد: "رأيت ابن عمر يدعو عند القاصّ، يرفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه، باطنهما مما يليه، وظاهرهما مما يلي وجهه". انتهى ما في "الفتح" (١).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: قد تَبَيَّن بما سبق من الأحاديث ثبوت رفع اليدين في الدعاء، بل بعضها يدلّ على أنه من أسباب الإجابة، كحديث سلمان المتقدم مرفوعًا: "إن ربكم حييّ كريمٌ يستحيي من عبده … " الحديث، فلا ينبغي التهاون بمثل هذا الفضل العظيم. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

"إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا باللَّه، عليه توكلت، وإليه أنيب".

٩ - (كَيْفَ يَرْفَعُ)

١٥١٣ - (أَخْبَرَنَا شُعَيْبُ بْنُ يُوسُفَ, عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقَطَّانِ, عَنْ سَعِيدٍ, عَنْ قَتَادَةَ, عَنْ أَنَسٍ, قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم - لَا يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي شَيْءٍ مِنَ الدُّعَاءِ إِلاَّ فِي الاِسْتِسْقَاءِ, فَإِنَّهُ كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ حَتَّى يُرَى بَيَاضُ إِبْطَيْهِ).

رجال هذا الإسناد: خمسة:

١ - (شُعيب بن يوسف) أبو عمرو النسائيّ، ثقة [١٠] تقدم ٤٢/ ٤٩.


(١) "الفتح" ج ٢١ ص ٤٢٨ - ٤٣٠.