للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وذهب ابن عباس إلى أنه ليس بين العبيد قصاص فِي نفس، ولا جرح؛ لأنهم أموال.

واحتجّ الأولون بقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ} الآية [البقرة: ١٧٨] وهذا نص منْ الكتاب، فلا يجوز خلافه، ولأن تفاوت القيمة كتفاوت الديةِ والفضائلِ، فلا يمنع القصاص، كالعلم، والشرف، والذكورية، والأنوثية.

وأما فيما دون النفس، فقد ذهبت طائفة إلى أنه أيضًا يجري القصاص بينهم فيها، وبه قَالَ عمر بن عبد العزيز، وسالم، والزهري، وقتادة، ومالك، والشافعي، وأحمد، وأبو ثور، وابن المنذر.

وذهبت طائفة إلى أنه لا يجري القصاص بينهم فيما دون النفس، وهو قول الشعبي، والنخعي، والثوري، وأبي حنيفة، وهي رواية عن أحمد؛ لأن الأطراف مال، فلا يجري القصاص فيها، كالبهائم، ولأن التساوي فِي الأطراف معتبر فِي جريان القصاص، بدليل أَنّا لا نأخذ الصحيحة بالشلاء، ولا كاملة الأصابع بالناقصة، وأطراف العبيد لا تتساوى.

واحتجّ الأولون بقول الله تعالى: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ} الآية [المائدة: ٤٥]؛ ولأنه أحد نوعي القصاص، فجرى بين العبيد، كالقصاص فِي النفس. أفاده فِي "المغني" ١١/ ٤٧٥ - ٤٧٦.

قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: ما ذهب إليه الجمهور، منْ وجوب القصاص بين العبيد فِي النفس، وفيما دونها هو الأرجح عندي؛ لما ذُكر منْ النصّوص. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

"إن أريدُ إلا الإصلاح، ما استطعتُ، وما توفيقي إلا بالله، عليه توكّلت، وإليه أنيب".

١٦ - (الْقِصَاصُ فِي السِّنِّ)

٤٧٥٤ - (أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو خَالِدٍ، سُلَيْمَانُ بْنُ حَيَّانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-، قَضَى بِالْقِصَاصِ فِي السِّنِّ، وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "كِتَابُ اللَّهِ الْقِصَاصُ").

قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: رجال هَذَا الإسناد كلهم رجال الصحيح، وتقدّموا.

و"أبو خالد، سليمان بن حيّان": هو الأزديّ الأحمر الكوفيّ، صدوقٌ يُخطىء [٨]