للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

١٠١ - (الْحَوَالَةُ)

٤٦٩٣ - (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ، وَالْحَارِثُ بْنُ مِسْكِينٍ، قِرَاءَةً عَلَيْهِ، وَأَنَا أَسْمَعُ، وَاللَّفْظُ لَهُ، عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-، قَالَ: "مَطْلُ الْغَنِيِّ ظُلْمٌ، وَإِذَا أُتْبِعَ أَحَدُكُمْ عَلَى مَلِيءٍ فَلْيَتْبَعْ").

قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: رجال هَذَا الإسناد كلهم رجال الصحيح، سوى شيخه الحارث، فقد تفرد به هو وأبو داود، وهو مصريّ ثقة حافظ. و"ابن القاسم": هو عبد الرحمن الْعُتقيّ الفقيه. والسند نصفه الأول مصريّون، ونصفه الثاني مدنيّون.

والحديث متّفقٌ عليه، وَقَدْ تقدّم شرحه، وتخريجه فِي الباب الماضي، وبقي الكلام عَلَى ما ترجم له المصنّف رحمه الله تعالى، وهو البحث عن الحوالة، وفيه مسائل:

(المسألة الأولى): فِي معنى الحوالة، واشتقاقها:

قَالَ فِي "الفتح": "الْحَوالة" -بفتح الحاء، وَقَدْ تُكسر-: مشتقة منْ التحويل، أو منْ الْحُئُول: تقول حال عن العهد: إذا انتقل عنه حُئُولا، وهي عند الفقهاء نقل دين منْ ذمة إلى ذمة. واختلفوا هل هي بيع دين بدين، رُخِّص فيه، فاستُثني منْ النهي عن بيع الدين بالدين، أو هي استيفاء. وقيل: هي عقد إرفاق مستقل، ويشترط فِي صحتها رضا المحيل، بلا خلاف، والمحتال عند الأكثر، والمحال عليه، عند بعض منْ شذّ، ويشترط أيضا تماثل الحقين فِي الصفات، وأن يكون فِي شيء معلوم، ومنهم منْ خصها بالنقدين، ومنعها فِي الطعام؛ لأنه بيع طعام قبل أن يُسْتَوفَى. انتهى" فتح" ٥/ ٢٢٨.

وَقَالَ فِي "المغني": الحوالة ثابتة بالسنة والإجماع، أما السنة، فما رَوَى أبو هريرة -رضي الله عنه- أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، قَالَ: "مطلُ الغنى ظلم، وإذا أتبع أحدكم عَلَى مليء فليتبع" متَّفقٌ عليه، وفي لفظ: "منْ أُحيل بحقه عَلَى مليء، فليحتل"، وأجمع أهل العلم عَلَى جواز الحوالة فِي الجملة. واشتقاقها منْ تحويل الحق منْ ذمة إلى ذمة، وَقَدْ قيل: إنها بيع، فإن المحيل يشتري ما فِي ذمته بما له فِي ذمة المحال عليه، وجاز تأخير القبض رخصةً، لأنه موضوع عَلَى الرفق، فيدخلها خيار المجلس لذلك، والصحيح أنها عَقْدُ إرفاق، منفرد بنفسه، ليس بمحمول عَلَى غيره؛ لأنها لو كانت بيعا، لما جازت؛ لكونها بيع دين بدين، ولما جاز التفرق قبل القبض؛ لأنه بيع مال الربا بجنسه، ولجازت بلفظ البيع، ولجازت بين جنسين، كالبيع كله، ولأن لفظها يشعر بالتحول، لا بالبيع، فعلى هَذَا لا