للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

يدخلها خيار، وتلزم بمجرد العقد، وهذا أشبه بكلام أحمد وأصوله.

ولابد فيها منْ محيل، ومحتال عليه، ويشترط فِي صحتها رضي المحيل بلا خوف، فإن الحق عليه، ولا يتعين عليه جهة قضائه، وأما المحتال، والمحال عليه، فلا يعتبر رضاهما عَلَى ما سنذكره إن شاء الله تعالى. انتهى "المغني" ٧/ ٥٦. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الثانية): فِي شروط الحوالة:

(اعلم): أنهم ذكروا لصحّة الحوالة شروطًا أربعة، قد ذكرها الموفّق رحمه الله تعالى، وفصّلها تفصيلا حسنًا فِي كتابه الممتع "المغني"، أحببت تلخيصه فيما يلي:

(أحدها): تماثل الحقين؛ لأنها تحويل للحق، ونقل له، فينقل عَلَى صفته، ويعتبر تماثلهما فِي أمور ثلاثة: [أحدها]: الجنس، فيحيل منْ عليه ذهبٌ بذهب، ومن عليه فضة بفضة، ولو أحال منْ عليه ذهب بفضة، أو منْ عليه فضة بذهب لم يصح. [الثاني]: الصفة، فلو أحال منْ عليه صحاح بمكسرة، أو منْ عليه مصرية بأميرية لم يصح. [الثالث]: الحلول والتأجيل، ويعتبر اتفاق أجل المؤجلين، فإن كَانَ أحدهما حالّاً، والآخر مؤجلا، أو أجل أحدهما إلى شهر، والآخر إلى شهرين لم تصح الحوالة.

(الشرط الثاني): أن تكون عَلَى دين مستقر، ولا يعتبر أن يحيل بدين غير مستقر، إلا أن السلم لا تصح الحوالة به، ولا عليه؛ لأن دين السلم ليس بمستقر؛ لكونه بِعَرْض الفسخ لانقطاع المسلم فيه، ولا تصح الحوالة به؛ لأنها لم تصح إلا فيما يجوز أخذ العوض عنه، والسلم لا يجوز أخذ العوض عنه؛ لقول النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: "منْ أسلم فِي شيء، فلا يصرفه إلى غيره"، رواه أبو داود، ولا تصح الحوالة عَلَى المكاتب بمال الكتابة؛ لأنه غير مستقر، فإن له أن يمتنع منْ أدائه، ويسقط بعجزه، وتصح الحوالة عليه بدين، غير دين الكتابة؛ لأن حكمه حكم الأحرار فِي المداينات، وإن أحال المكاتب سيده بنجم قد حل عليه صح، وبرئت ذمة المكاتب بالحوالة، ويكون ذلك بمنزلة القبض.

(الشرط الثالث): أن تكون بمال معلوم؛ لأنها إن كانت بيعًا، فلا تصحّ فِي مجهول، وإن كانت تَحَوُّلَ الحق، فيعتبر فيها التسليم، والجهالة تمنع منه، فتصح بكل ما يثبت مثله فِي الذمة بالإتلاف، منْ الأثمان، والحبوب، والأدهان، ولا تصح فيما لا يصح السلم فيه؛ لأنه لا يثبت فِي الذمة.

(الشرط الرابع): أن يحيل برضائه؛ لأن الحق عليه، فلا يلزمه أداؤه منْ جهة الدين الذي عَلَى المحال عليه، ولا خلاف فِي هَذَا، فإذا اجتمعت شروط الحوالة، وصحت