بالشَّرَه في الأكل، والامتلاء منه. (رابعها): تشبيه الخارج من المال مع عظمته في النفوس حتى أدّى إلى المبالغة في البخل به بما تطرحه البهيمة من السَّلْح، ففيه إشارة بديعة إلى استقذاره شرعًا. (خامسها): تشبيه المتقاعد عن جمعه، وضمّه بالشاة إذا استراحت، وحطّت جانبها، مستقبلة عين الشمس، فإنها من أحسن حالاتها سكونًا، وسكينةً، وفيه إشارة إلى إدراكها لمصالحها. (سادسها): تشبيه موت الجامع المانع بموت البهيمة الغافلة عن دفع ما يضرّها. (سابعها): تشبيه المال بالصاحب الذي لا يُؤمن أن ينقلب عدوًّا، فإن المال من شأنه أن يُحرَز، ويُشدّ وَثَاقه حبًّا له، وذلك يقتضي منعه من مستحقّه، فيكون سببًا لعقاب مقتنيه. (ثامنها): تشبيه آخذه بغير حقّ بالذي يأكل، ولا يشبع انتهى.
وقال الغزاليّ -رحمه اللَّه تعالى-: مثلُ المال مَثَلُ الحية التي فيها ترياقٌ نافعٌ، وسمّ ناقع، فإن أصابها العارف الذي يحترز عن شرّها، ويعرف استخراج ترياقها كان نعمة، وإن أصابها الغبي، فقد لقي البلاء المهلك انتهى (١). واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
"إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا باللَّه، عليه توكلت، وإليه أُنيب".
…
٨٢ - (الصَّدّقَةُ عَلَى الأَقَارِبِ)
٢٥٨٢ - (أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى, قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدٌ, قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ, عَنْ حَفْصَةَ, عَنْ أُمِّ الرَّائِحِ, عَنْ سَلْمَانَ بْنِ عَامِرٍ, عَنِ النَّبِيِّ - صلى اللَّه عليه وسلم -, قَالَ: «إِنَّ الصَّدَقَةَ عَلَى الْمِسْكِينِ صَدَقَةٌ, وَعَلَى ذِى الرَّحِمِ اثْنَتَانِ: صَدَقَةٌ, وَصِلَةٌ»).
رجال هذا الإسناد: ستة:
١ - (محمد بن عبد الأعلى) الصنعاني البصري، ثقة [١٠] ٥/ ٥.
٢ - (خالد) بن الحارث الْهُجَميُّ البصريّ، ثقة ثبت [٨] ٤٢/ ٤٨.
٣ - (ابن عون) هو عبد اللَّه، أبو عون البصري، ثقة ثبت فاضل عابد، [٥] ٢٩/ ٣٣.
٤ - (حفصة) بنت سيرين، أم الهُذَيل الأنصارية البصرية، ثقة [٣] ٢٢/ ٣٩٠.
٥ - (أم الرائح) الرَّبَاب -بفتح أوله، وتخفيف الموحّدة، آخره موحّدة- بنت صُلَيع - بمهملتين -مصغّرةً- الضّبّيّة البصريّة، مقبولة [٣].
(١) - راجع "الفتح" ج ١٣ ص ٢٦ - ٢٧.