قال في "النهاية": الخذف -أي بفتح الخاء، وسكون الذال المعجمتين- هو رميك حصاة، أو نواة تأخذها بين سبابتين، وترمي بها. والمراد بيان مقدار الحصى التي يُرمى بها في الصغر والكبر، وفسّروا حصى الخذف بقدر حبّة الباقلّاء.
قال النوويّ: فيه أن قدر الحصيات بقدر حصى الخذف، وهو نحو حبّة الباقلّاء، وينبغي أن لا يكون أكبر، ولا أصغر، فإن كان أكبر، أو أصغر أجزأه بشرط كونه حجرًا. وقال المحبّ الطبريّ: قال عطاء بن أبي رباح حصى الخذف مثل طرف الإصبع. وقال الشافعيّ: هو أصغر من الأنملة طولاً وعرضًا، ومنهم من قال: كقدر النواة، ومنهم من قال بقدر الباقلّاء. وفيه تنبيه على استحباب الرمي بذلك انتهى (رَمَى مِنْ بَطْنِ الْوَادِي) قال القاري: بدل من قوله: "رماها"، أو استئناف مبيّن، وهو الأظهر. قال النوويّ: فيه أن السنّة أن يقف للرمي في بطن الوادي بحيث تكون منى، وعرفات، والمزدلفة عن يمينه، ومكة عن يساره، وهذا هو الصحيح الذي جاءت به الأحاديث الصحيحة. وقيل: يقف مستقبل الكعبة، وكيفما رمى أجزأه بحيث يسمى رميًا بما يُسَمَّى حجرًا.
وأما حكم الرمي، فالمشروع منه يوم النحر رمى جمرة العقبة، لا غير بإجماعهم، ومذهبنا أنه واجب ليس بركن، فإن تركه حتى فاتته أيام الرمي، عصى، ولزمه دم، وصحّ حجه. وقال مالك: يفسد حجه، وبجب رميها بسبع حصيات، فلو بقيت منهنّ واحدة لم تكفه الستّ انتهى (١).
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: هذا الحديث أخرجه مسلم، وقد تقدّم تخريجه، وما يتعلّق به من المسائل في - ٥١/ ٢٧٤٠ - باب "ترك التسمية عند الإهلال"، فراجعه تستفد. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
"إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا باللَّه، عليه توكلت، وإليه أنيب".