للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قدْ أَنْزَلَ الرَّحْمَنُ فِي تَنْزِيلِهِ … فِي صُحُفِ تُتْلَى عَلَى رَسُولِهِ

وذكر ابن إسحاق عن عبد اللَّه بن أبي بكر بن حزم، قال: بلغني … فذكره، وزاد بعد قوله:

يَا رَبَّ إِنِّي مُؤْمِنٌ بِقِيلِهِ … إِنَّي رَأَيْتُ الْحَقَّ فِي قَبُولِهِ

وزعم ابن هشام في "مختصر السيرة" أن قوله: "نحن ضربناكم على تأويله" إلى آخر الشعر من قول عمار بن ياسر، قاله يوم صفّين. قال: ويؤيده أن المشركين لم يقرّوا بالتنزيل، وإنما يقاتل على التأويل من أقرّ بالتنزيل انتهى.

قال الحافظ: وإذا ثبتت الرواية, فلا مانع من إطلاق ذلك، فإن التقدير على رأي ابن هشام: "نحن ضربناكم على تأويله": أي حتى تُذعنوا إلى ذلك التأويل. ويجوز أن يكون التقدير: نحن ضربناكم على تأويل ما فهمنا منه، حتى تدخلوا فيما دخلنا فيه.

وإذا كان كذلك محتملاً، وثبتت الرواية سقط الاعتراض. نعم الرواية جاء فيها، فاليوم نضربكم على تأويله يظهر أنها قول عمّار، ويبعد أن تكون قول ابن رواحة لأنه لم يقع في عمرة القضاء ضرب، ولا قتال، وصحيح الرواية:

نَحْنُ ضَرَبْنَاكُمْ عَلَى تَأْوِيلِهِ … كَمَا ضَرَبْنَاكُمْ عَلَى تَنْزِيلِهِ

يشير بكلّ منهما إلى ما مضى، ولا مانع أن يتمثل عمّار بن ياسر بهذا الرجز، ويقول هذه اللفظة، ومعنى قوله: "نحن ضربناكم على تنزيله" أي في عهد الرسول فيما مضى.

وقوله: "واليوم نضربكم على تأويله" أي الآن، وتسكين الباء لضرورة الشعر، بل هي لغة قرئ بها في المشهور. قاله في "الفتح" (١). واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

"إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا باللَّه، عليه توكلت، وإليه أنيب".

١١٠ - (حُرْمَةُ مَكَّةُ)

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: "الْحُرْمة" -بضم الحاء المهملة، وسكون الراء-: اسم من الاحترام، وهو الْمَهَابة، قال الفيّوميّ -رحمه اللَّه تعالى-: الحُرْمة بالضمّ: ما لا يَحِلّ انتهاكه، والحرمة: المهابة، وهذه اسم من الاحترام، مثلُ الْفُرْقة من الافتراق،


(١) - "فتح" ٨/ ٢٨٦ - ٢٨٧.