للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

واعترض الحافظ -رحمه اللَّه تعالى- في "الفتح" بعد نقل كلام الترمذيّ المذكور: بما حاصله: وهو ذهول شديدٌ، وغلطٌ مردود، وما أدري كيف وقع الترمذيّ في ذلك، مع وفور معرفته، ومع أن في قصّة عمرة القضاء اختصام جعفر، وأخيه عليّ، وزيد بن حارثة في بنت حمزة، وجعفر قُتل هو، وزيد، وابن رواحة في موطن واحد؟، وكيف يخفى عليه -أعني الترمذيّ- مثل هذا؟. ثم وجدت عن بعضهم أن الذي عند الترمذيّ من حديث أنس أن ذلك كان في فتح مكة، فإن كان كذلك اتجه اعتراضه، لكن الموجود بخطّ الكروخيّ، راوي الترمذيّ ما تقدّم. واللَّه أعلم.

وقد صححه ابن حبان من الوجهين، وعجيب من الحاكم كيف لم يستدركه، مع أن الوجه الأول على شرطهما، ومن الوجه الثاني على شرط مسلم؛ لأجل جعفر بن سليمان. انتهى. كلام الحافظ بتصرّف يسير (١). واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الخامسة): أخرج عبد الرزاق حديث أنس - رضي اللَّه عنه - هذا من وجهين:

[أحدهما]: طريق جعفر بن سليمان، عن ثابت، الذي أخرجه المصنف منه هنا، والترمذيّ في الأدب.

[والثاني]: روايته عن معمر، عن الزهريّ، عن أنس - رضي اللَّه عنه -: "أن النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - دخل مكة في عمرة القضاء، وعبد اللَّه بن رواحة يُنشد بين يديه:

خَلُّوا بَنِي الْكُفَّارِ عَنْ سَبِيلِهِ … قَدْ أَنْزَلَ الرَّحْمَنُ فِي تَنْزِيلِهِ

بِأنَّ خَيرَ الْقَتْلِ فِي سَبِيلِهِ … نَحْنُ قَتَلْنَاكُمْ عَلَى تَأْوِيلِهِ

كَمَا قَتَلْنَاكُمْ عَلَى تَنْزِيلِهِ

أخرجه أبو يعلى من طريقه. وأخرجه الطبرانيّ عن عبد اللَّه بن أحمد، عن أبيه، عن عبد الرزاق. وقد أخرجه الطبرانيّ أيضًا عاليًا عن إبراهيم بن أبي سويد، عن عبد الرزاق. ومن هذا الوجه أخرجه البيهقيّ في "الدلائل". وأخرجه من طريق أبي الأزهر، عن عبد الرزاق، فذكر القسم الأول من الرجز، وقال بعده:

الْيَوْمَ نَضْرِبْكُمْ عَلَى تَنْزِلِهِ … ضَرْبًا يُزِيلُ الْهَامَ عَنْ مَقِيلِهِ

وَيُذْهِلُ الْخَلِيلَ عَنْ خَلِيلِهِ … يَارَبَّ إِنِّي مُؤْمِنٌ بِقِيلِهِ

قال الدارقطنيّ في "الأفراد" تفرّد به معمر، عن الزهريّ، وتفرّد به عبد الرزّاق، عن معمر. قال الحافظ: وقد رواه موسى بن عقبة في "المغازي" عن الزهريّ أيضًا، لكن لم يذكر أنسًا، وعنده بعد قوله:


(١) - "فتح" ٨/ ٢٨٧ - ٢٨٨. "كتاب المغازي" - "باب عمرة القضاء".