قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: قَالَ الإِمام ابن كثير رحمه الله تعالى فِي "تفسيره" ٢/ ٦٢ - : ما حاصله: قَالَ الله عَزَّ وَجَلَّ لنبيه -صلى الله عليه وسلم-: {فَإِنْ جَاءُوكَ}: أي يتحاكمون إليك {فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِنْ تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَنْ يَضُرُّوكَ شَيْئًا}: أي فلا عليك أن لا تحكم بينهم؛ لأنهم لا يقصدون بتحاكمهم إليك اتباع الحق، بل ما يوافق أهواءهم، قَالَ ابن عباس، ومجاهد، وعكرمة، والحسن، وقتادة، والسدي، وزيد بن أسلم، وعطاء الخرساني، والحسن، وغير واحد: هي منسوخة بقوله: {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ}، {وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ}: أي بالحق والعدل، وإن كانوا ظَلَمَةً خارجين عن طريق العدل {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ}[المائدة: ٤٢]، ثم قَالَ تعالى، منكرا عليهم آرائهم الفاسدة، ومَقاصدهم الزائغة، فِي تركهم ما يعتقدون صحته منْ الكتاب الذي بأيديهم، الذي يزعمون أنهم مأمورن بالتمسك به أبدا، ثم خرجوا عن حكمه، وعدلوا إلى غيره، مما يعتقدون فِي نفس الأمر بطلانه، وعدم لزومه لهم، فَقَالَ:{وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللَّهِ ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ}[المائدة: ٤٣]، ثم مدح التوراة التي أنزلها عَلَى عبده ورسوله موسى ابن عمران -عليه السلام-، فَقَالَ:{إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا}: أي لا يخرجون عن حكمها, ولا يبدلونها, ولا يحرفونها {وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ}: أي وكذلك الربانيون، وهم العلماء العباد، والأحبار وهم العلماء {بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ}: أي بما استودعوا منْ كتاب الله، الذي أُمروا أن يُظهروه، ويعملوا به {وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ فَلَا تَخْشَوُا}: أي لا تخافوا منهم، وخافوا مني {وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ}[المائدة: ٤٤]. انتهى "تفسير ابن كثير ٢/ ٦٢.
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: وجه الاختلاف المذكور أن سماك بن حرب روى قصّة قريظة والنضير أنه إذا قَتَل قُرَظيّ نضريّا يُقتصّ منه، وإذا قتل نضيريّ قُرظيّا دفع