للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقوله: "قال أبو عبد الرحمن: هذا الحديث أحسن الأحاديث، وأجودها". الظاهر أنه أراد به أن الحديث بسند يونس بن عُبيد أجود منه بإسنادي عمرو بن مرّة، فإن رواية زيد بن أبي أُنيسة فيها غلط، وذلك قوله: "عن أبي نضرة"؛ لأن الصواب "عن أبي نصر"، ورواية شعبة عنه فيها انقطاع؛ لأنه لم يذكر عبد اللَّه بن مطرّف، وأما رواية يونس بن عُبيد فخالية عما ذُكر كلّه. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

"إن أريد إلا الإصلاح، ما استطعت، وما توفيقي إلا باللَّه، عليه توكلت، وإليه أنيب".

١٨ - (السِّحْرُ)

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: هو -بكسر السين، وسكون الحاء المهملتين- قال ابن فارس: هو إخراج الباطل في صورة الحقّ، ويقال: هو الخدِيعة، وسحره بكلامه يسحرُهُ، بفتح عين المضارع فيهما: استماله برقّته، وحسن تركيبه. وقال الفخر الرازيّ: ولفظ السحر في عرف الشرع مُختصّ بكلّ أمر يخفى سببه، ويتخيل على غير حقيقته، ويَجري مَجرَى التمويه والخِدَاع، قال اللَّه تعالى: {يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى} [طه: ٦٦]، وإذا أُطلق ذُمَّ فاعله، وقد يُستعمل مقيّدًا فيما يُمدَح، ويُحمَد، نحو قوله - صلى اللَّه تعالى عليه وسلم -: "إن من البيان لسحرا"، رواه البخاريّ، أي إن بعض البيان سحرٌ؛ لأن صاحبه يُوضّح الشيء المشكل، ويكشِف عن حقيقته بحسن بيانه، فيَستميل القلوب، كما تُستَمالُ بالسحر. وقال بعضهم: لما كان في البيان من إبداع التركيب، وغرابة التأليف ما يجذِب السامع، ويُخرجه إلى حدّ يكاد يشغله عن غيره شُبِّه بالسحر الحقيقي، وقيل: هو السحر الحلال. قاله الفيّوميّ (١). وسيأتي تمام البحث في ذلك في المسائل الآتية آخر الباب، إن شاء اللَّه تعالى. واللَّه تعالى أعلم بالصواب.

٤٠٨٠ - (أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ, عَنِ ابْنِ إِدْرِيسَ, قَالَ: أَنْبَأَنَا شُعْبَةُ, عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ, عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلِمَةَ, عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَسَّالٍ, قَالَ: قَالَ يَهُوديٌّ لِصَاحِبِهِ: اذْهَبْ بِنَا إِلَى هَذَا النَّبِيِّ, قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ: لَا تَقُلْ نَبِيٌّ, لَوْ سَمِعَكَ كَانَ لَهُ أَرْبَعَةُ أَعْيُنٍ, فَأَتَيَا رَسُولَ


(١) "المصباح المنير" ١/ ٢٦٧ - ٢٦٨.