للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ذلك، وبيان حكم الشرع فيه، ويدلّ لذلك ما في "الصحيحين"، وغيرهما، من قوله - صلى اللَّه عليه وسلم -: "لا سبيل لك عليها" (١).

وتُعُقّب بأن ذلك وقع جوابًا لسؤال الرجل عن ماله الذي أخذته منه. وأجيب بأن العبرة بعموم اللفظ، وهو نكرة في سياق النفي، فيشمل المال والبدن، ويقتضي نفي تسليطه عليها بوجه من الوجوه. ووقع في آخر حديث ابن عبّاس عند أبي داود: "وقضى أن ليس عليه نفقة، ولا سُكنى من أجل أنهما يفترقان بغير طلاق، ولا متوفَّى عنها". وهو ظاهر في أن الفرقة وقعت بينهما بنفس اللعان. قاله في "الفتح" (٢).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: قد تقدّم ترجيح مذهب الجمهور في هذه المسألة في المسائل المذكورة في أوائل باب اللعان، فراجعه تستفد. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

"إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا باللَّه، عليه توكلت، وإليه

أنيب".

٤٣ - (اسْتِتَابَةُ الْمُتَلَاعِنَيْنِ بَعْدَ اللِّعَانِ)

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: هذه الترجمة ظاهرة في أن المصنّف -رحمه اللَّه تعالى- يرى أنه قوله - صلى اللَّه عليه وسلم -: "اللَّه يعلم أن أحدكما كاذبٌ" كان بعد فراغهما من اللعان، قال القاضي عياض -رحمه اللَّه تعالى-: ظاهره أنه قال هذا الكلام بعد فراغهما من اللعان، والمراد أنه يلزم الكاذب التوبة. قال: وقال الداوديّ: إنما قاله قبل اللعان، تحذيرًا لهما منه. قال: والأول أظهر، وأولى بسياق الكلام انتهى (٣).

وقال الحافظ -رحمه اللَّه تعالى-: والذي قاله الداوديّ أولى من جهة أخرى، وهي مشروعيّة الموعظة قبل الوقوع في المعصية، بل هو أحرى مما بعد الوقوع، وأما سياق الكلام، فمحتملٌ في رواية ابن عمر للأمرين، وأما حديث ابن عبّاس، فسياقه ظاهرٌ فيما


(١) أفاده الحافظ وليّ الدين في "طرح التثريب في شرح التقريب" ٧/ ١١٤.
(٢) "فتح" ١٠/ ٥٧٦.
(٣) "شرح مسلم للنوويّ" ١٠/ ٣٦٤.