٣٢ - الْوِتْرُ بَعْدَ الأَذَانِ
١٦٨٥ - أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ حَكِيمٍ, قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ, عَنْ شُعْبَةَ, عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْتَشِرِ, عَنْ أَبِيهِ, أَنَّهُ كَانَ فِي مَسْجِدِ عَمْرِو بْنِ شُرَحْبِيلَ, فَأُقِيمَتِ الصَّلَاةُ, فَجَعَلُوا يَنْتَظِرُونَهُ, فَجَاءَ, فَقَالَ: إِنِّي كُنْتُ أُوتِرُ, قَالَ: وَسُئِلَ عَبْدُ اللَّهِ, هَلْ بَعْدَ الأَذَانِ وَتْرٌ؟ قَالَ: نَعَمْ, وَبَعْدَ الإِقَامَةِ, وَحَدَّثَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى اللَّه عليه وسلم -, أَنَّهُ نَامَ عَنِ الصَّلَاةِ حَتَّى طَلَعَتِ الشَّمْسُ ثُمَّ صَلَّى.
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: هذا الحديث صحيح، وقد تقدّم تمام البحث فيه في [٥١/ ٦١٢]، وأذكر هنا الكلام على ما ترجم له المصنف -رحمه اللَّه تعالى-، وهو قضاء الوتر:
اعلم: أن المصنف -رحمه اللَّه تعالى- يرى مذهب القائلين بمشروعية قضاء الوتر بعد طلوع الفجر، ولذا ترجم عليه، واستدلّ بحديث عبد اللَّه بن مسعود - رضي اللَّه عنه - على ذلك، ووجه الاستدلال به كونه - صلى اللَّه عليه وسلم - قضى الصلاة التي فاتته نائمًا، والنفل في ذلك كالفرض، وأيضًا ثبت أنه - صلى اللَّه عليه وسلم - قضى سنة الصبح حينما فاتته صلاة الصبح مع سنتها، بالنوم، وقد اختلف العلماء في ذلك:
قال الإمام ابن المنذر -رَحِمَهُ اللَّهُ-: أجمع أهل العلم على أن ما بين صلاة العشاء إلى طلوع الفجر وقت للوتر. واختلفوا فيمن لم يوتر حتى طلع الفجر على أقوال:
الأول: أنه إذا طلع الفجر، فقد فات الوتر، كذلك قال عطاء بن أبي رباح، وإبراهيم النخعي، وسعيد بن جُبير، وقال مكحول: من أصبح، ولم يوتر فلا وتر عليه. وقال سفيان الثوريّ، وإسحاق، وأصحاب الرأي: الوتر ما بين صلاة العشاء إلى طلوع الفجر.
الثاني: إن الوتر ما بين صلاة العشاء الآخرة إلى صلاة الصبح، روينا عن عبد اللَّه بن مسعود أنه قال: الوتر ما بين الصلاتين، ورُوي عن أبي موسى الأشعريّ، أنه قال: لا وتر بعد الأذان، فأتوا عليّا، فقال: لقد أغرق في النزع، وأفرط في الفتيا، الوتر ما بيننا وبين صلاة الغداة، ورُوي عن ابن عباس أنه أوتر بعد طلوع الفجر، وروي ذلك عن ابن عمر - رضي اللَّه عنه -.
وممن رُوي عنه أنه أوتر بعد طلوع الفجر عبادة بن الصامت، وأبو الدرداء، وحذيفة، وابن مسعود، وعائشة، وعبد اللَّه بن عامر بن ربيعة - رضي اللَّه عنهم -.