للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الصلاة، فهي صدقة من الصدقات" رواه أبو داود وابن ماجه بإسناد حسن. وهو ظاهر في كون ما بعد الصلاة ليس وقتًا لها، والقياس في مقابلة النصّ فاسد الاعتبار. فتنبّه. واللَّه تعالى أعلم.

قال: ومع كون ابن حزم قد خالف الإجماع في وجوبها على الجنين، فقد تناقض كلامه، فقال: إن الصغير لا يجب على أبيه زكاة الفطر عنه، إلا أن يكون له مالٌ، فيُخرج عنه من ماله، فإن لم يكن له مالٌ لم يجب عليه حينئذ، ولا بعد ذلك، فكيف لا يوجب زكاته على أبيه، والولد حيّ موجود، ويوجبها، وهو معدوم، لم يوجد؟.

فإن قلت: يُحمل كلامه على ما إذا كان للحمل مالٌ. قلت: كيف يمكن أن يكون له مالٌ، وهو لا يصحّ تمليكه، ولو مات من يرثه العمل لم نملّكه، وهو جنين، فلا يوسف بالملك إلا بعد أن يولد، وكذلك النفقة الصحيح أنها تجب للأمّ الحامل، لا للحمل، ولو كانت للحمل لسقطت بمضيّ الزمان، كنفقة القريب، وهي لا تسقط انتهى كلام الحافظ العراقيّ -رحمه اللَّه تعالى- (١) وهو بحث نفيس في الجملة. واللَّه تعالى أعلم

بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

"إن أريد إلا الإصلاح، ما استطعت، وما توفيقي إلا باللَّه، عليه توكلت، وإليه أنيب".

٣٣ - (فَرْضُ زَكَاةِ رَمَضَانَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، دُونَ الْمُعَاهِدِينَ)

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: قوله: "دون المعاهدين": أي دون الذّمّيّين. ويجوز ضبط "المعاهدين" بصيغة اسم الفاعل، وبصيغة اسم المفعول. قال الفيّوميّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- تعالى: والعَهْدُ: الأَمَانُ، والْمَوْثِقُ، والذّمّةُ، ومنه قيل للحربيّ يدخُلُ بالأمان: ذو عهد، ومُعاهد أيضًا بالبناء للفاعل، والمفعول؛ لأن الفعل من اثنين، فكلّ واحد يفعل بصاحبه، مثل ما يفعله صاحبه به، فكلّ واحد في المعنى فاعلٌ، ومفعولٌ، وهذا كما يُقالُ: مكاتِبٌ، ومكاتَبٌ، ومضارِبٌ، ومضارَبٌ، وما أشبه ذلك. والمعاهَدَةُ: المعاقَدَةُ، والمحالَفَةُ انتهى (٢). واللَّه تعالى أعلم بالصواب.


(١) - راجع "طرح التثريب" ج ٤ ص ٦٠ - ٦١.
(٢) - "المصباح المنير" في مادّة عهد.