للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

تكفين المرأة بالحرير احتمالين، وقال: أَقْيَسُهُما الجواز، لكن يكره، وكذلك يكره تكفينها بالمعصفر، ونحوه. وقال الأوزاعيّ: لا يكفّن الميت في الثياب المصبغة، إلا ما كان من الْعَصْب. يعني ما صُبغ بالعَصْب، وهو نبت ينبت باليمن.

وعند المالكية في التكفين بالحرير أقوال: (الجواز مطلقًا) لسقوط المنع بالموت، لكن يكره. (والمنع مطلقًا) إلا لضرورة، وهما محكيان عن مالك. (والثالث) قاله ابن حبيب: يجوز للنساء دون الرجال. وقال القاضي عياض، والنوويّ في "شرح مسلم": كره مالك، وعامة العلماء التكفين في الحرير مطلقًا انتهى (١). واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

"إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا باللَّه، عليه توكلت، وإليه أنيب".

٤٠ - الْقَمِيصُ فِي الْكَفَنِ

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: الظاهر أن المصنّف -رحمه اللَّه تعالى- أراد بما أورده في الباب، من الأحاديث على جواز استعمال القميص في الكفن، وتركه، فاستدلّ بقصة عبد اللَّه بن أُبيّ على جواز استعماله، واستدلّ بقصة مصعب بن عمير على جواز تركه، ومثله أحاديث الباب الماضي.

قال الحافظ ولي الدين العراقيّ -رحمه اللَّه تعالى-: استدلّ الحنفية بقصة عبد اللَّه بن أُبيّ على استحباب التكفين في قميص، والمخالفون لهم يقولون: هذه واقعة، لم ندر كيف اتفق الحال فيها، يحتمل أن يكون هذا القميص أحد الأكفان الثلاثة، ويحتمل أنه زائد عليها، فإن كان أحَدَهَا، فنحن لا نقول بتحريمه، ولا كراهته، وغايته أن الأفضل خلافه، فبيّن النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - بهذا جوازه، ولم يكن فعله - صلى اللَّه عليه وسلم - مفضولاً، بل هو فاضل، لأنه بيّن به الجواز، ولأمر يختصّ بهذه القضية، وهو شيئان:

أحدهما: مكافاته إياه عن كسوته للعباس - رضي اللَّه عنه - قميصًا، فجازاه من جنسه.

ثانيهما: إكرامه - صلى اللَّه عليه وسلم - ولده بذلك، فإنه لم يفعل ذلك إلا بسؤاله، واقتراحه، طلب منه أن يُلبسه القميص الذي يلي جلده، كما في "صحيح البخاريّ" (٢)، ففعل ذلك النبي - صلى اللَّه عليه وسلم -


(١) - "طرح التثريب" ج ٣ ص ٢٧٥.
(٢) - ففي "صحيح البخاريّ": وكان على رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - قميصان، فقال له ابنه عبد اللَّه: يا رسول اللَّه، ألبس أبي قميصك الذي يلي جلدك … ".