للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

١٢ - (تَزْوِيجُ الزَّانِيَةِ)

وفي "الكبرى": "تحريم تزويج الزانية".

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: غرض المصنّف -رحمه اللَّه تعالى- بهذا ترجيح القول بتحريم نكاح الزانية، لحديث مرثد بن أبي مرثد الغَنَوِيّ - رضي اللَّه تعالى عنه -، فإنه صريح في ذلك.

ولا يعارضه حديث ابن عباس - رضي اللَّه تعالى عنهما - في الرجل الذي سأل النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - عن امرأته اللتي لا تردّ يد لامس، فأمره بطلاقها، فلما قال له: لا أصبر عنها، قال: "استمتع بها"؛ لأنه عنده ضعيف، حيث عللَّه بأن الصحيح أنه مرسل، فلا يدلّ على جواز نكاح الزانية.

لكن الظاهر أن الحديث متصلٌ صحيحٌ، كما سيأتي بيان ذلك لكنه، وإن قيل بصحّته لا يعارض أيضًا؛ إذ لا يصلح للاحتجاج به؛ لاحتمال أن يكون البقاء أسهل من الابتداء، فإن الرجل إنما سأله عن إمساكه زوجته التي معه، وهذا أخفّ من إنشاء نكاح امرأة ليس معه.

ولأنهم اختلفوا في معنى قوله: "لا تردّ يد لامس، هل هو كناية عن الفجور، أو كناية عن التبذير، أو غير ذلك، فليس الحديث مع هذه الاحتمالات محلّ حجة، كما سيأتي بيان ذلك، إن شاء اللَّه تعالى. واللَّه تعالى أعلم بالصواب.

٣٢٢٩ - (أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ التَّيْمِيُّ, قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى -هُوَ ابْنُ سَعِيدٍ- عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الأَخْنَسِ, عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ, عَنْ أَبِيهِ, عَنْ جَدِّهِ, أَنَّ مَرْثَدَ بْنَ أَبِي مَرْثَدٍ الْغَنَوِيَّ, وَكَانَ رَجُلاً شَدِيدًا, وَكَانَ يَحْمِلُ الأُسَارَى, مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ, قَالَ: فَدَعَوْتُ رَجُلاً لأَحْمِلَهُ, وَكَانَ بِمَكَّةَ بَغِيٌّ, يُقَالُ لَهَا: عَنَاقُ, وَكَانَتْ صَدِيقَتَهُ, خَرَجَتْ, فَرَأَتْ سَوَادِي فِي ظِلِّ الْحَائِطِ, فَقَالَتْ: مَنْ هَذَا؟ مَرْثَدٌ, مَرْحَبًا, وَأَهْلاً, يَا مَرْثَدُ انْطَلِقِ اللَّيْلَةَ, فَبِتْ عِنْدَنَا فِي الرَّحْلِ, قُلْتُ: يَا عَنَاقُ, إِنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى اللَّه عليه وسلم - حَرَّمَ الزِّنَا, قَالَتْ: يَا أَهْلَ الْخِيَامِ, هَذَا الدُّلْدُلُ, هَذَا الَّذِي يَحْمِلُ أُسَرَاءَكُمْ, مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ, فَسَلَكْتُ الْخَنْدَمَةَ, فَطَلَبَنِي ثَمَانِيَةٌ, فَجَاءُوا حَتَّى قَامُوا عَلَى رَأْسِي, فَبَالُوا, فَطَارَ بَوْلُهُمْ عَلَيَّ, وَأَعْمَاهُمُ اللَّهُ عَنِّي, فَجِئْتُ إِلَى صَاحِبِي, فَحَمَلْتُهُ, فَلَمَّا انْتَهَيْتُ بِهِ إِلَى الأَرَاكِ, فَكَكْتُ عَنْهُ كَبْلَهُ, فَجِئْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -, فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ, أَنْكِحُ عَنَاقَ؟ , فَسَكَتَ