للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فَقَالَ: إِنْ شَاءَ اللَّهُ, فَهُوَ بِالْخِيَارِ, إِنْ شَاءَ أَمْضَى, وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ»).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: رجال هذا الإسناد رجال الصحيح، غير شيخه، فهو من أفراده، وهو رُهاويّ ثقة حافظ. و"عفان": هو ابن مسلم الصفّار البصريّ الثقة الثبت. و"وُهيب": هو ابن خالد الباهليّ البصريّ الثقة الثبت. والحديث صحيح، كما سبق بيانه قريبًا. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع، والمآب.

"إن أريد إلا الإصلاح ما استطعتُ، وما توفيقي إلا باللَّه، عليه توكّلتُ، وإليه أنيب".

٤٠ - (إِذَا حَلَفَ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: إِنْ شَاءَ اللَّه، هَلْ لَهُ اسْتِثْنَاءٌ؟)

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: يعني أنه إذا حلف شخصٌ، ولم يستثن، فذكّره رجلٌ، فقال له: قل: إن شاء اللَّه، فقال ذلك، هل يكون ذلك استثناء صحيحًا، أم لا؟، وقد اختُلف فيه، ولكن الظاهر أنه صحيحٌ، لظاهر قوله - صلى اللَّه عليه وسلم -: "لو قال: إن شاء اللَّه لم يحنث"، فإن ظاهره أن قول الصاحب كان بعد كلام سليمان - عليه السلام -، فيدلّ على أنه إذا قاله متّصلاً جاز، ولا يُعد ذلك فصلاً مانعًا عن صحّة الاستثناء، كالفصل بالأشياء الضرورية؛ كالسعال، ونحوه؛ لأن نسيانه، مع قصر الزمن يكون عذرًا.

وقال في "الفتح": استدلّ بهذا الحديث من قال: الاستثناء إذا عَقَبَ اليمينَ، ولو تخلّل بينهما شيء يسير لا يضرّ، فإن الحديث دلّ على أن سليمان، لو قال: إن شاء اللَّه عقب قول صاحبه له: قل: إن شاء اللَّه لأفاد، مع التخلّل بين كلاميه بمقدار قول الصاحب. وأجاب القرطبيّ باحتمال أن يكون الملك قال ذلك في أثناء كلام سليمان. قال الحافظ: وهو احتمال ممكن يسقط به الاستدلال المذكور. انتهى (١).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: عندي أن ما دلّ عليه ظاهر الحديث كافٍ للتمسك به، فإنه يدلّ على أن الملك ذكّر سليمان - عليه السلام -، بعد سماعه كلامه، وتأكّده من عدم استثنائه، فاحتمال أنه ذكّره في أثناء كلامه بعيدٌ جدًّا؛ لأنه لا يدري هل يستثني بعد كلامه، أم لا؟، فلما تحقّق لديه أنه ما استثنى مع حاجته إلى الاستثناء ذكّره.


(١) "فتح" ٧/ ١٢٩.